القلتين فأكثر عند الشافعية، والمستبحر عند الحنفية لا يؤثر فيه الاستعمال، والوضوء كالغسل في هذا الحكم، لأن المقصود من النهي التنزه عن التقرب إلى الله تعالى بالمستقذرات، والوضوء يقدر الماء، كما
يقذره الغسل.
وقد ذهب إلى أن الماء المستعمل غير مطهر أحمد بن حنبل، والليث، والأوزاعي، والشافعي، ومالك في إحدى الروايتين عنهما، وأبو حنيفة في رواية عنه واحتجوا بحديث الباب وبحديث النهي عن التوضؤ بفضل وضوء المرأة، وبما رواه مسلم وابن ماجَهْ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" فقالوا: يا أبا هريرة كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولا.
واحتج لهم بعضهم بما يروى عن السلف من تكميل الطهارة بالتيمم عند قلة الماء لا بما تساقط منه.
وأجيب عن الاستدلال الأول بما ذكر بأن علة النهي لا تنحصر في الاستعمال، بل يحتمل أن يكون النهي للاستخباث والاستقذار، والدليل إذا تطرقه الاحتمال، سقط به الاستدلال، وبأن الدليل أخص
من الدعوى لأن غاية ما فيه خروج المستعمل للجنابة والمدعى خروج كل مستعمل عن الطهورية.
وعن حديث النهي عن التوضؤ بفضل وضوء المرأة بمنع كون الفضل مستعملا، ولو سلم فالدليل أخص من الدعوى؛ لأن المدعى خروج كل مستعمل عن الطهورية، لا خصوص هذا المستعمل، وبالمعارضة بما أخرجه مسلم، وأحمد، من حديث ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة" وأخرجه أحمد أيضا وابن ماجه بنحوه من حديثه، وأخرجه أيضا أحمد وأبو داود والنسائي، والترمذي، وصححه من