وبهذا يتبين لك ضعف ما رجحه بعض أهل العلم من أهل عصرنا من وجوب قراءة القراءة على المأموم في الصلاة السرية فقط، مدعيًا النسخ للوجوب في الجهرية (١)، بلا بينة واضحة، ولا حجة مقنعة، فتنبه لذلك، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد.
والحاصل أن الراجح قول من قال بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم مطلقًا، سواء كانت الصلاة سرية، أو جهرية، وسواء كان يسمع قراءة الإمام، أم لا، لكن استحب بعض أهل العلم فيما إذا كان للإمام سكتات أن يقرأها المأموم في سكتاته، وإلا قرأها معه، أو قبله، أو بعده. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.
(١) وذكر هذا القائل حديث أبي هريرة: "فانتهى الناس … إلخ" دليلًا على النسخ، وقد تقدم الكلام على هذه الجملة، هل هي من قول أبي هريرة، أم من قول الزهري، وعلى تقدير كونها لأبي هريرة، فدعوى النسخ بها دونه خرط قتاد، وقد تقدم إبطال ذلك فيما قاله المباركفوري، وابن حزم، وأحمد محمد شاكر، وغيرهم، فلا حاجة إلَى إعادته. فتأمل بإنصاف، ولا تتحير بالاعتساف. والله تعالى ولي التوفيق.