للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكثرون اللغط والشذب تعنتًا وعنادًا؛ على ما حكاه الله عنهم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت: ٢٦]، فأمر الله المسلمين حالة أداء الوحي أن يكونوا على خلاف هذه الحالة، وأن يستمعوا، ومدح الجن على ذلك، فقال: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: ٢٩] الآية.

وقال محمد بن كعب القرظي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ في الصلاة أجابه مَنْ وراءه، إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم، قالوا مثل قوله، حتى يقضي فاتحة الكتاب والسورة، فلبث بذلك ما شاء الله أن يلبث؛ فنزل: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، فأنصَتُوا.

وهذا يدلّ على أن المعنى بالإنصات ترك الجهر على ما كانوا يفعلون من مجاوبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقال قتادة في هذه الآية: كان الرجل يأتي، وهم في الصلاة، فيسألهم كم صليتم؟ كم بقي؟ فأنزل الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}.

وعن مجاهد أيضًا: كانوا يتكلمون في الصلاة بحاجتهم، فنزل قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (١) انتهى كلام القرطبي رحمه الله تعالى (٢).


(١) هكذا في تفسير القرطبي، ولعل الصواب إيراد الآية بتمامها. فليتأمل.
(٢) جامع أحكام القرآن، جـ ٧ ص ٣٥٣ - ٣٥٥.