للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من أسبابي ونفقة عيالي؟.

قال السخاوي رحمه الله: إذا علم هذا، فالدليل لمطلق الجواز القياس على القرآن، فقد جوَّز أخنه الأجرة على تعليمه الجمهور، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله".

والأحاديث الواردة في الوعيد على ذلك (١) لا تنتهض بالمعارضة، إذ ليس فيها ما تقوم به الحجة خصوصا، وليس فيها تصريح بالمنع على الإطلاق، بل هي وقائع أحوال محتملة للتأويل لتوافق الصحيح، وقد حملها بعض العلماء على الأخذ فيمن تعين عليه تعليمه، لا سيما عن عدم الحاجة.

وكذا يمكن أن يقال في تفسير أبي العالية في قوله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} [البقرة من آية رقم ٤١] أي لا تأخذوا عليه أجرا، وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول: يا ابن آدم عَلِّم مجَّانا، كما عُلِّمت مجانا.

وليس في قول عازب لأبي بكر حين سأله أن يأمر ابنه البراء رضي الله عنهم يحمل ما اشتراه منه معه: لا حتى يحدثنا بكذا، مُتَمَسَّك للجواز لوقفه، كما قال شيخنا -يعني الحافظ بن حجر- على أن عازبا لو استمر على الامتناع من إرسال ابنه، لاستمر أبو بكر على الامتناع من التحديث يعني، فإنه حينئذ لو لم يجز لما امتنع أبو بكر ولا أقر عازبا عليه ولكن ليس هذا بلازم، لاحتمال أن يكون امتناعه تأديبا وزجرا، وتقريره عازبا، فلكونه فهم عنه قصد المبادرة لإسماع ابنه وكونه حاضرا معه،


(١) منها حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: علمت ناسا من أهل الصفة القرآن والكتابة، فأهدى إلى رجل منهم قوسا، فقلت: ليست بمال، وأرمي بها في سبيل الله، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها؟ فقال: "إن سرك أن تطوق بها طوقًا من نار فاقبلها". أخرجه أبو داود، وابن ماجه وفي سنده الأسود بن ثعبة مجهول.
ومنها حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال علمت رجلا القرآن، فأهدى إلى قوسا، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إن أخذتها أخذت قوسًا من نار" رواه أبو داود، وابن ماجه، وفي سنده عبد الرحمن بن سلهم مجهول.
لكن الحديث يتقوى بمجموعه فيصلح للاحتجاج به، فلابد من تأويله لئلا يتعارض مع أحاديث الإباحة، فيؤل بمن تعين عليه التعليم، أو بمن أخد عن المساكين، كأهل الصفة. والله أعلم.