للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: قليل الماء. اهـ.

(أفنتوضأ من ماء البحر؟) وفي رواية أبي داود "بماء البحر" قال في النهل: الفاء عاطفة على محذوف، تقديره: أهو طهور فنتوضأ، وإنما توقفوا عن التطهر بمائه، لما ذكر من أنه مُرّ مالح، ريحه منت، وما كان هذا شأنه لا يشرب، فتوهموا أن ما لا يشرب لا يتطهر به. اهـ.

(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو الطهور) بفتح الطاء أي الطاهر المطهر (ماؤه) ذكر الماء يقتضي أن الضمير في قوله "هو الطهور" للبحر، إذ لو أريد به الماء لما احتاج إلى قوله: "ماؤه" إذ يصير المعنى الماء طهور ماؤه، وهو فاسد، وفي لفظ للدارمي "فإنه الطاهر ماؤه" ولم يقل في الجواب: نعم، مع حصول الغرض به، ليقرن الحكم بعلته، وهو الطهورية المتناهية في بابها، ودفعا لتوهم حمل لفظ نعم على الجواز على سبيل الرخصة للضرورة، ولما يفهم من الجواب بنعم من أنه إنما يتوضأ به فقط؛ لأنه المسؤل عنه، وفي إجابته بقوله "الطهور ماؤه" بيان أن الطهورية وصف لازم له غير قاصر على حالة الضرورة، وغير خاص بحدث دون حدث، بل يرفع كل حدث، ويزيل كل خبث.

وفي شرح العيني: قوله "هو الطهور ماؤه" هو مبتدأ، و"الطهور" مبتدأ ثان، و"ماؤه" خبر المبتدإ، والجملة خبر المبتدإ الأول، ويجوز كون "ماؤه" فاعلا للطهور، ويكون "الطهور" مع فاعله خبرا للمبتدإ؛ لأن الطهور صيغة مبالغة، وهي كاسم الفاعل في العمل.

وهذا التركيب فيه القصر، لأن المبتدأ والخبر معرفتان، وهو من طرق القصر، وهو من قصر الصفة على الموصوف، لأنه قصر الطهورية على ماء البحر وهو قصر ادّعائي قُصدَ به المبالغة، لعدم الاعتداد بغير المقصور عليه، لا قصر حقيقي، لأن الطهورية ليست بمقصورة على ماء البحر فقط، والظاهر أنه قصر تعيين، لأن السائل كان مترددا بين جواز الوضوء به وعدمه، فعين له - صلى الله عليه وسلم - الجواز بقوله: "هو الطهور ماؤه" اهـ بتصرف،