قال الجامع عفا الله عنه: القول بكون النسيان من الكبائر على إطلاقه غير صحيح, لأنه مما لا دليل عليه، إذ لا تصح الأحاديث فيه، ففي إسناد حديث أنس المذكور عبدُ المجيد بنُ عبد العزيز بن أبي رَوَّاد، وهو مختلف فيه، والمطلب بن عبد الله بن حنطب، صدوق كثير التدليس والإرسال -كما قال في التقريب- وقد عنعنه عن أنس. فالحديث ضعيف.
وأما حديث سعد بن عبادة ففيه يزيد بن أبي زياد ضعيف، وعيسى بن أبي عيسى قال ابن المديني: مجهول لم يرو عنه غير يزيد بن أبي زياد، وقال ابن عبد البر: لم يسمع من سعد بن عبادة، ولا أدركه (١).
وبالجملة أن الأحاديث في هذا الباب لا تصح، وعلى تقدير صحتها تحمل على من أعرض عن القرآن عملًا وتلاوة، فيكون معنى الحديث على معنى قوله تعالى:{كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}[طه: ١٢٦].
وأما الذي يعمل بالقرآن، وهو حافظ له، ثم عرض له مانع يمنعه عن استذكاره، وشغل يشغله عن مراجعته حتى نسيه، فليس داخلًا في الوعيد، بدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينسى بعض الآيات، فلو كان نسيانه معصية لما نسي - صلى الله عليه وسلم -.
والحاصل أن نسيان القرآن بعد حفظه بعذر ليس بمعصية، فضلًا عن