أن يكون من الكبائر، وأما نسيانه بدون عذر فإنه من الكبائر, لأنه يدل على إعراضه عنه، وعدم مبالاته به، فيدخل تحت الوعيد المذكور في الآية المذكورة. هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة السابعة: ليس في الحديثين المذكورين تقدير مدة مخصوصة للزمن الذي يختم فيه القرآن، لكن مقتضاهما أنه يتلوه على
وجه لو نقص عنه لأدى إلى نسيانه، أو نسيان شيء منه، وذلك يختلف باختلاف أحوال الناس في تمكنهم من الحفظ، وفي سرعة النسيان وبطئه.
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يختمونه في كل سَبْعٍ.
وفي سنن أبي داود وغيره عن أوس بن حذيفة، قال: قلنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد أبطأت عنا الليلة، قال:"إنه طرأ عليّ حزبي من القرآن فكرهت أن أجيء حتى أختمه"، قال أوس: سألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يُحَزّبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده (١).
وفي صحيح البخاري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد الله بن عمرو:"واقرإ القرآن في شهر؟ " قلت: إني أجد قوة، حتى قال: "فاقرأه في
(١) وفي سنده عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى مختلف فيه. وعثمان بن عبد الله بن أوس ليس له إلا هذا الحديث، ولم يوثقه إلا ابن حبان.