للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تحقيق هذا في الباب السابق.

المسألة الرابعة: في بيان اختلاف العلماء في جواز اختصار الحديث، قال النووي في التقريب: اختلف العلماء في رواية بعض الحديث الواحد دون بعض، فمنعه بعضهم مطلقا بناء على منع الرواية بالمعنى، ومنعه بعضهم مع تجويزها بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبل هذا، وجوزه بعضهم مطلقا، وهذا مقيد بما إذا لم يكن المحذوف متعلقا بالمَأتيّ به تعلقا يُخلّ بالمعنى حذفُه كالاستثناء، والشرط، والغاية، ونحو ذلك، وإلا فممنوع اتفاقًا.

والصحيح التفصيل، وهو المنع من غيرالعالم، وجوازه من العالم إذا كان ما تركه غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان، ولا تختلف الدلالة بتركه، سواء جَوَّزنا الرواية بالمعنى أم لا، رواه قبلُ تاما أم لا، لأن ذلك بمنزلة خبرين منفصلين، هذا إذا ارتفعت منزلته عن التُّهَمَة، فأما من رواه تاما فخاف إن رواه ناقصا أن يُتَّهَم بزيادة أوَّلا، أو نسيان لغفلة وقلة ضبط ثانيا فلا يجوز له النقصان ثانيا ولا ابتداء إن تعين عليه أداء تمامه لئلا يخرج بذلك باقيه عن الاحتجاج به.

وأما تقطيع المصنف الحديث الواحد في الأبواب بحسب الاحتجاج به في المسائل، كل مسألة على حدة فهو إلى الجواز أقرب، قال الشيخ ابن الصلاح: ولا يخلو من كراهة، قال النووي: وما أظنه يُوَافَقُ عليه، فقد فعله الأئمة: مالك، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم. اهـ تقريب النووي بزيادة من شرحه التدريب جـ ٢/ ص ١٠٣ - ١٠٥.

وإلى ذلك أشار السيوطي في ألفيته حيث قال:

وَجَائزٌ حَذْفُك بَعضَ الخَبَر … إِنْ لمْ يُخِلَّ البَاقي عنْد الأكْثَرِ

وامنع لذي تُهَمَةٍ فَإنْ فَعَلْ … فلا يُكمِّل خَوْفَ وَصْفٍ بخَلَل

وَالخُلْفُ في التَّقطْيعِ في التَّصنْيفِ … يَجْرِي وَأوْلَى منهُ بالتَّخْفيفِ

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.