وقال القرطبي رحمه الله في "المفهم": اشتملت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١] على اسمين يتضمنان جميع أوصاف الكمال، وهما: الأحد، والصمد، فإنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، فإن الواحد والأحد -وإن رجعا إلى أصل واحد- فقد افترقا استعمالًا وعرفًا؛ فالوحدة راجعة إلى نفي التعدد والكثرة، والواحد أصل العدد من غير تعرض لنفي ما عداه، والأحد يثبت مدلوله، ويتعرض لنفي ما سواه، ولهذا يستعملونه في النفي، ويستعملون الواحد في الإثبات، ويقال: ما رأيت أحدًا، ورأيت واحدًا، فالأحد في أسماء الله تعالى مشعر بوجوده الخاص به الذي لا يشاركه فيه غيره، وأما الصمد فإنه يتضمن جميع أوصاف الكمال؛ لأن معناه الذي انتهى سؤدده بحيث يُصمَد إليه في الحوائج كلها، وهو لا يتم حقيقة إلا لله. انتهى.
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله: قوله: "لأنها صفة الرحمن". يحتمل أن يكون مراده أن فيها ذكر صفة الرحمن، كما لو ذكر وصف، فعبر عن الذكر بأنه الوصف، وإن لم يكن نفس الوصف. ويحتمل غير ذلك، إلا أنه لا يختص ذلك بهذه السورة، لكن لعل تخصيصها بذلك لأنه ليس فيها إلا صفات الله سبحانه وتعالى، فاختصت بذلك دون غيرها. انتهى (١).