للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فأنا أحب أن أقرأ بها) أي أقرأ هذه السورة التي هي صفة الرحمن عز وجل (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخبروه أن الله عز وجل يحبه)، قال ابن دقيق العيد رحمه الله: يحتمل أن يكون سبب محبة الله له محبته لهذه السورة، ويحتمل أن يكون لما دل عليه كلامه؛ لأن محبته لذكر صفات الرب دالة على صحة اعتقاده.

وقد ذكر في "الفتح" اختلاف العلماء المتأخرين في معنى المحبة، أعرضت عن ذكرها هنا؛ لكونها أقوالًا مخالفة لما كان عليه السلف رحمهم الله، من إثبات صفات الله تعالى التي وصف بها نفسه، أو وصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما صح من أحاديثه، على ما جاءت به من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.

فالحق أن صفة المحبة ثابتة لله سبحانه وتعالى على حقيقتها على الوجه الذي يليق بجلاله سبحانه وتعالى، ولا يلزم من إثباتها له على هذا الوجه تشبيهه بمخلوقاته، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، كما أنه لا يلزمنا ذلك حينما نثبت سائر صفات المولى سبحانه، كالسمع، والبصر، والكلام، والعلم، وسائر صفاته، سواءً بسواء، وكما لا يلزمنا أيضًا حينما نثبت له ذاته المقدسة، فإن إثبات الصفات فرع إثبات الذات. فافهم هذا وتحققه، فإنه مما زلَّت فيه أقدام كثير من المتأخرين ممن يشتغل بعلم الكلام. والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل. نسأل الله تعالى أن يهدينا الصراط المستقيم، بمنه وفضله العظيم.