للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[قال الجامع عفا الله عنه]: في الاستدلال بهذا نظر لا يَخْفَى؛ لأن هذا الحديث ثبت فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - علم المسيء صلاته أذكار الانتقالات.

فقد أخرج أبو داود بإسناد صحيح: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمسيء صلاته: "إنه لا يتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء -يعني مواضعه- ثم يكبر، ويحمد الله - صلى الله عليه وسلم -، ويثني عليه، ويقرأ بما تيسر من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائما، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى يطمئن مفاصله، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعدا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعدا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه، فيكبر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته" (١).

فقد ثبت بهذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - علم المسيء صلاته تكبير الركوع وغيره، فبطل الاستدلال به.

واستدلوا أيضًا بحديث ابن أبزى، فإنه يدل على عدم الوجوب؛ لأن تركه - صلى الله عليه وسلم - له في بعض الحالات لبيان الجواز، والإشعار بعدم الوجوب.

[قال الجامع]: قد عرفت ما فيه من الضعف، فلا يصح الاستدلال به، ولا معارضة الأحاديث الصحيحة الدالة على الوجوب به.

فتبين بهذا أن أدلة القائلين بالوجوب قوية، لكثرتها، وصحتها، وعدم المعارض لها:

(فمنها): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكرو في هذا الباب. (ومنها): حديث المسيء صلاته المذكور آنفا، فإنه نص صريح في عدم صحة الصلاة بغير تكبيرات الانتقالات.

(ومنها): حديث وائل الحضرمي - رضي الله عنه -: "أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يرفع يديه مع التكبير، ويكبر كلما خفض، وكلما رفع، ويسلم عن يمينه، وعن يساره". أخرجه أحمد، والدارمي، والسرَّاج، والطيالسي بسند حسن (٢).

(ومنها): حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في كل رفع، وخفض، وقيام، وقعود .. الحديث. وسيأتي للمصنف رقم ٨٣/ ١١٤٢ - ورواه أحمد، والترمذي، وصححه. وغير ذلك من الأحاديث المتقدمة في أوائل "كتاب الافتتاح"، ويأتي بعضها في أبواب السجود، إن شاء الله تعالى. وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي".


(١) "سنن أبي داود" جـ ١ ص ٢٢٦ - ٢٢٧.
(٢) راجع "الإراواء" جـ ٢ ص ٣٦.