للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو عمر ابن عبد البر -رحمه الله-: قال قوم من أهل العلم: إن التكبير ليس بسنة إلا في الجماعة، وأما من صلى وحده فلا بأس عليه أن لا يكبر. وقال أحمد: أحب إلى أن يكبر إذا صلى وحده في الفرض، وأما التطوع فلا.

وروي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان لا يكبر إذا صلى وحده. واستدل من قال بعدم مشروعية التكبير كذلك بما أخرجه أحمد، وأبو داود عن ابن أبزى، عن أبيه - رضي الله عنه - أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان لا يتم التكبير. وفي لفظ لأحمد: "إذا خفض، ورفع". وفي رواية: "فكان لا يكبر إذا خفض "يعني بين السجدتين. وفي إسناده الحسن بن عمران، قال أبو زرعة: شيخ، ووثقه ابن حبان. وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": والحديث معلول، قال أبو داود الطيالسي، والبخاري: لا يصح، ونقل البخاري عن الطيالسي أنه قال: هذا باطل، وقال الطبري في تهذيب الآثار: الحسن مجهول. انتهى (١). فمثل هذا الضعيف لا يصلح لمعارضة أحاديث الباب لكثرتها، وصحتها، وكونها مثبتة، ومشتملة على الزيادة. فأقل أحوال الأحادي؛ الواردة في هذا الباب، أن تدلّ على سنية التكبير في كل خفض ورفع. أفاده الشوكاني رحمه الله تعالى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: بل إنها تدلّ على وجوب التكبير، كما سيأتي تحقيقه، إن شاء الله تعالى.

وقد روى أحمد عن عمران بن حصين أن أول من ترك التكبير عثمان - رضي الله عنه - حين كبر، وضعف صوته. وهذا يحتمل أنه ترك الجهر. وروى الطبراني عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن أول من ترك التكبير معاوية - رضي الله عنه -. وروى أبو عبيد أن أول من تركه زياد.

وهذه الروايات غير متنافية لأن زيادا تركه بترك معاوية، وكان معاوية تركه بترك عثمان، وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الإخفاء.

وحكى الطحاوي أن بني أمية كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع، وما هذه بأول سنة تركوها.

وقد اختلف القائلون بمشروعية التكبير، فذهب جمهورهم إلى أنه مندوب فيما عدا تكبيرة الإحرام، وقال أحمد في رواية عنه، وبعض أهل الظاهر: إنه يجب كله.

واحتج الجمهور على الندبية بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلمه المسيء صلاته، ولو كان واجبا لعلمه (٣).


(١) "تهذيب التهذيب" جـ ٢ ص ٣١٣.
(٢) "نيل الأوطار" جـ ٢ ص ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٣) "نيل الأوطار" جـ ٢ ص ٢٧٨ - ٢٧٩.