حديث محمَّد بن جابر، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: "صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر، فلم يرفعوا أيديهم إلا عند استفتاح الصلاة".
وهذا الحديث حسنه الترمذي، وصححه ابن حزم. وقال ابن المبارك: لم يثبت عندي. وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: هذا حديث خطأ. وقال أحمد بن حنبل، وشيخه يحيي بن آدم: هو ضعيف، نقله البخاري عنهما، وتابعهما على ذلك. وقال أبو داود: ليس هو بصحيح. وقال الدارقطني: لم يثبت. وقال ابن حبان في الصلاة: هذا أحسن خبر روي لأهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع، وعند الرفع منه، وهو في الحقيقة أضعف شيء يعول عليه؛ لأن له عللا تبطله.
وهؤلاء الأئمة إنما طعنوا كلهم في طريق عاصم بن كليب الأولى، وأما طريق محمد ابن جابر، فذكرها ابن الجوزي في "الموضوعات"، وقال عن أحمد: محمدُ بنُ جابر لا شيء، ولا يحدث عنه إلا من هو شرّ منه. قال الحافظ: وقد بينت في "المدرج" حال هذا الخبر بأوضح من هذا. انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى (١).
[قال الجامع عفا الله عنه]: قد تبين بما ذكر من أقوال هؤلاء الأئمة أن حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - هذا غير صحيح، لأمور:
(الأول): اتفاق جمهور هؤلاء الأئمة على خطإ تلك الزيادة.
(الثانية): عدم وجودها في كتاب عاصم بن كليب، والكتاب أضبط من الحفظ، كما بينه الإمام أحمد عن شيخه يحيي بن آدم.
(الثالث): مخالفة عبد الله بن إدريس للثوري فيه، وقد وافق ابنَ إدريس جماعة، كما قال أبو حاتم وغيره. (الرابع): الكلام في عاصم بن كليب، فقد قال فيه ابن المديني: لا يحتج به إذا انفرد، كما في "تهذيب التهذيب" جـ ٥ ص ٥٦. وهو قد تفرد بهذا الحديث، ولا متابع له فيه، فهذه جملة الأمور التي عللوا بها هذا الحديث. والله أعلم.
وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البر -رحمه الله-: في "التمهيد": أما حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يرفع يديه في الصلاة إلا مرة في أول شيء، فهو حديث انفرد به عاصم بن كليب، واختلف عليه في ألفاظه، وقد ضعف الحديث أحمد بن حنبل، وعَلَّلَه، ورمى به.
وأخرج أيضًا بسنده عن محمَّد بن وضاح، أنه قال: الأحاديث التي تروى عن النبي