للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

- صلى الله عليه وسلم - في رفع اليدين: "ثم لا يعود" ضعيفة كلها. انتهى كلام ابن عبد البر رحمه الله تعالى باختصار (١).

والحاصل أن هذا الحديث ضعيف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في بيان مذاهب العلماء في رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام: قال الإمام النوويّ رحمه الله تعالى في كتابه "المجموع شرح المهذب" جـ ٣ ص ٣٩٩ - ٤٠٦ - : (اعلم): أن هذه المسألة مهمة جدّا، فإن كل مسلم يحتاج إليها في كل يوم مرات متكاثرات، لا سيما طالب الآخرة، ومكثر الصلاة، ولهذا اعتنى العلماء بها اعتناء أشد اعتناء، حتى صنف الإمام أبو عبد الله البخاري كتابا كبيرا في إثبات الرفع في هذين الموضعين، والإنكار الشديد على من خالف ذلك فهو كتاب نفيس.

(اعلم): أن رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام سنة بإجماع من يعتدّ به، وفيه شيء ذكرناه في موضعه.

وأما رفعهما في تكبيرة الركوع، وفي الرفع منه، فمذهبنا أنه سنة فيهما، وبه قال أكثر العلماء، من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، حكاه الترمذي عن ابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأنس، وابن الزبير، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم -، وعن جماعة من التابعين، منهم: طاوس، وعطاء، ومجاهد، والحسن، وسالم بن عبد الله، وسعيد بن جبير، ونافع، وغيرهم، وعن ابن المبارك، وأحمد، وإسحاق (٢).

وقال الإمام أبو بكر ابن المنذر رحمه الله تعالى: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإن من السنة أن يرفع المرء يديه إذا افتتح الصلاة.

واختلفوا في رفع اليدين عند الركوع، وعند رفع الرأس من الركوع، فقالت طائفة: يرفع المصلي يديه إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، روي هذا القول عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن التابعين، ومن بعدهم. روينا ذلك عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وابن الزبير، وأنس بن مالك. وقال الحسن: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعون أيديهم إذا كبروا، وإذا ركعوا، وإذا رفعوا رؤوسهم من الركوع، كأنها المراوح.

وروي ذلك عن الحسن البصري، وابن سيرين، وعطاء، وطاوس، ومجاهد،


(١) "التمهيد" جـ ٩ ص ٢١٩ - ٢٢١.
(٢) "المجموع" جـ ٣ ص ٣٩٩.