للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنك، وفيه "ثم لا يعود"، قال: لا أحفظ هذا. وقال ابن حزم: إن صح حديث يزيد دلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك لبيان الجواز، فلا تعارض بينه وبين حديث ابن عمر، وغيره (١).

واحتجوا أيضًا بأحاديث أخرى:

(منها): ما رُوي عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، ثم لا يعود". رواه البيهقي في "الخلافيات"، وهو مقلوب موضوع.

(ومنها): ما روي عن أنس - رضي الله عنه -: "من رفع يديه في الصلاة فلا صلاة له". رواه الحاكم في "المدخل"، وقال: إنه موضوع. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - مثله. رواه ابن الجوزي في "الموضوعات"، وسبقه بذلك الجوزقاني.

(منها): ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه كلما ركع، وكلما رفع، ثم صار إلى افتتاح الصلاة، وترك ما سوى ذلك". قال ابن الجوزي في "التحقيق": هذا الحديث لا أصل له، ولا يعرف من رواه، والصحيح عن ابن عباس خلافه. وعن ابن الزبير - رضي الله عنهما - نحوه. قال ابن الجوزي: لا أصل له، ولا يعرف من رواه، والصحيح عن ابن الزبير خلافه. وقال ابن الجوزي: وما أبلد من يحتج بهذه الأحاديث ليعارض بها الأحاديث الثابتة (٢).

وقال الشوكاني رحمه الله تعالى: ولا يخفى على المنصف أن هذه الحجج التي أوردوها منها ما هو متفق علهى ضعفه، وهو ما عدا حديث ابن مسعود منها كما بينا، ومنها ما هو مختلف فيه، وهو حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - لما قدمنا من تحسين الترمذي، وتصحيح ابن حزم له، ولكن أين يقع هذا التحسين، والتصحيح من قدح هؤلاء الأئمة الأكابر فيه، غاية الأمر، ونهايته أن يكون ذلك الاختلاف موجبا لسقوط الاستدلال به، ثم لو سلمنا صحة حديث ابن مسعود، ولم نعتبر بقدح أولئك الأئمة فيه فليس بينه وبين الأحاديث المثبتة للرفع في الركوع، والاعتدال منه تعارض؛ لأنها متضمنة للزيادة التي لا منافاة بينها وبين المزيد، وهي مقبولة بالإجماع، لا سيما وقد نقلها جماعة من الصحابة، واتفق على إخراجها الجماعة:

فمن جملة من رواها ابن عمر كما تقدم، وعمر كما أخرجه البيهقي، وابن أبي حاتم، وعلي، كما أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي وصححه، والنسائي، ووائل بن حجر، كما عند أحمد، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه. ومالك بن الحويرث، عند


(١) "التلخيص الحبير" ج ١ ص ٢٢١ - ٢٢٢.
(٢) المصدر المذكور.