للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشيخين، وأنس بن مالك عند ابن ماجه. وأبو هريرة، كما عند أبي داود، وابن ماجه. وأبو أسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، عند ابن ماجه. وأبو موسى الأشعري عند الدارقطني، وجابر عند ابن ماجه، وعمير الليثي عند ابن ماجه أيضا، وابن عباس عند ابن ماجه أيضا، وله طرق أخرى عند أبي داود، فهؤلاء أربعة عشر من الصحابة، ومعهم أبو حميد الساعدي في عشرة من الصحابة، كما سيأتي، فيكون الجميع خمسة وعشرين، أو اثنين وعشرين، إن كان أبو أسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة من العشرة المشار إليهم في رواية أبي حميد، كما في بعض الروايات.

فهل رأيتَ أعجب من معارضة رواية مثل هؤلاء الجماعة بمثل حديث ابن مسعود السابق مع طعن أكثر الأئمة المعتبرين فيه، ومع وجود مانع عن القول بالمعارضة، وهو تضمن رواية الجمهور للزيادة، كما تقدم. انتهى كلام الشوكاني رحمه الله تعالى بتصرف (١).

وقال العلامة المباركفوري رحمه الله تعالى بعد ذكر نحو ما تقدم: ما نصّه: فثبت بهذا كله أن حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - ليس بصحيح، ولا بحسن، بل ضعيف، لا يقوم بمثله حجة. وأما تحسين الترمذي له فلا اعتماد عليه لما فيه من التساهل. وأما تصحيح ابن حزم، فالظاهر أنه من جهة السند، ومن المعلوم أن صحة السند لا تستلزم صحة المتن، على أن تصحيح ابن حزم لا اعتماد عليه أيضا في جنب تضعيف هؤلاء الحفاظ النقاد، فالاستدلال بهذا الحديث الضعيف على ترك رفع اليدين، ونسخه في غير الافتتاح ليس بصحيح. ولو تنزلنا، وسلمنا أن حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - هذا صحيح، أو حسن، فالظاهر أن ابن مسعود - رضي الله عنه - قد نسيه، كما قد ينسى أمورا كثيرة.

قال الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" نقلا عن صاحب "التنقيح": ليس في نسيان ابن مسعود لذلك ما يستغرب، فقد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف المسلمون فيه بعدُ، وهما المعوذتان. ونسي ما اتفق العلماء على نسخه، كالتطبيق. ونسي كيف قيام الاثنين خلف الإمام؟. ونسي ما لم يختلف العلماء فيه، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح يوم النحر في وقتها. ونسي كيفية جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة. ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في السجود. ونسي كيف كان يقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)} [الليل: ٣].

وإذا جاز على ابن مسعود - رضي الله عنه - أن ينسى مثل هذا في الصلاة كيف لا يجوز مثله في


(١) "نيل الأوطار" جـ ٢ ص ٢١٠ - ٢١١.