للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رفع اليدين. انتهى.

[قال الجامع عفا الله عنه]: في دعوى نسيان بعض ما ذكر نظر، لا يخفى. والله سبحانه وتعالى أعلم.

قال المباركفوري -رحمه الله-: ولو سلم أن ابن مسعود لم ينس في ذلك، فأحاديث رفع اليدين في المواضع الثلاثة مقدمَة على حديث ابن مسعود، لأنها قد جاءت عن عدد كثير من الصحابة - رضي الله عنهم - حتى قال السيوطي -رحمه الله-: إن حديث الرفع متواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقال العيني -رحمه الله- في شرح البخاري: إن من جمله أسباب الترجيح كثرة عدد الرواة، وشهرة المروي، حتى إذا كان أحد الخبرين يرويه واحد، والآخر يرويه اثنان، فالذي يرويه اثنان أولى بالعمل به. انتهى.

وقال الحافظ الحازمي في "كتاب الاعتبار": ومما يرجح به أحد الحد يثين على الآخر كثرة العدد في أحد الجانبين، وهي مؤثرة في باب الرواية؛ لأنها تقرب مما يوجب العلم، وهو التواتر انتهى.

ثم حديث ابن مسعود لا يدل على نسخ رفع اليدين في غير الافتتاح، بل إنما يدل على عدم وجوبه، كما قال ابن حزم رحمه الله تعالى في الكلام على حديث البراء - رضي الله عنه - المتقدم.

هذا كله على تقدير التنزل، وإلا فحديث ابن مسعود ضعيف، لا تقوم به حجة كما عرفت.

وقال أيضا (١): واستدلوا أيضا -يعني القائلين بعدم الرفع- بأثر ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، رواه الطحاوي، وأبو بكر بن أبي شيبة عن الأسود، قال: رأيت عمر بن الخطاب يرفع يديه في أول تكبيرة، ثم لا يعود.

قلت (٢): فيه أن هذا الأثر بهذا اللفظ غير محفوظ. قال الحافظ ابن حجر في "الدراية": قال البيهقي، عن الحاكم: رواه الحسن بن عياش، عن عبد الملك بن أبجر ابن عليّ بلفظ: "كان يرفع يديه في أول تكبيرة، ثم لا يعود". وقد رواه الثوري، عن الزبير بن عديّ، بلفظ: "كان يرفع يديه في التكبير"، ليس فيه "ثم لا يعود". وقد رواه الثوري، وهو المحفوظ. (٣) انتهى.


(١) أي العلامة المباركفوري رحمه الله.
(٢) القائل المباركفوري رحمه الله.
(٣) هكذا في نسخة "الدراية" جـ ١ ص ١٥٢ "وقد رواه الثوري" الخ. ولعل الصواب: وما رواه الثوري هو المحفوظ. والله تعالى أعلم.