للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم هذا الأثر يعارضه رواية طاوس، عن ابن عمر أن عمر كان يرفع يديه في الركوع، وعند الرفع منه.

قال الزيلعي في "نصب الراية": واعترضه الحاكم بأن هذه الرواية شاذة، لا يقوم بها الحجة، فلا تُعَارَض بها الإخبار الصحيحة عن طاوس بن كيسان، عن ابن عمر: أن عمر كان يرفع يديه في الركوع، وعند الرفع منه انتهى. وقال الحافظ في "الدراية": ويعارضه رواية طاوس، عن ابن عمر: كان (١) يرفع يديه في التكبير، وعند الرفع منه انتهى.

واستدلوا أيضا بأثر علي - رضي الله عنه -، رواه الطحاوي، وابن أبي شيبة، والبيهقي عن عاصم بن كليب، عن أبيه أن عليا كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة، ثم لا يرفع بعدُ. قال الزيلعي: هو أثر صحيح. وقال العيني في "عمدة القاري": إسناد عاصم بن كليب صحيح على شرط مسلم.

قلت (٢): أثر علي - رضي الله عنه - هذا ليس بصحيح، وإن قال الزيلعي: هو أثر صحيح. وقال العيني: إسناده صحيح على شرط مسلم.

قال الإمام البخاري في "جزء رفع اليدين": قال عبد الرحمن بن مهدي: ذكرت للثوري حديث النهشلي، عن عاصم بن كليب، فأنكره. انتهى.

وانفرد بهذا الأثر عاصم بن كليب، قال الذهبي في "الميزان": كان من العباد الأولياء، لكنه مرجىء، وثقه يحيي بن معين، وغيره، وقال ابن المديني: لا يحتج بما انفرد به. انتهى. (٣)

ولو سلم أن أثر علي هذا صحيح، فهو لايدل على النسخ كما زعم الطحاوي وغيره. قال صاحب "التعليق الممجد" من العلماء الحنفية: ذكر الطحاوي بعد روايته عن علي: لم يكن علي ليرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع، ثم يترك إلا وقد ثبت عنه نسخه. انتهى: وفيه نظر، فقد يجوز أن يكون ترك علي، وكذا ترك ابن مسعود، وترك غيرهما من الصحابة - رضي الله عنهم - إن ثبت عنهم لأنهم لم يروا الرفع سنة مؤكدة، يلزم الأخذ بها، ولا ينحصر ذلك في النسخ، بل لا يجترأ بنسخ أمر ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمجرد حسن الظن بالصحابي، مع إمكان الجمع بين فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفعله. انتهى كلام "صاحب التعليق الممجد".

واستدلوأ أيضا بأثر ابن عمر رواه الطحاوي، وأبو بكر بن أبي شيبة، والبيهقي في


(١) الضمير في "كان" لعمر - رضي الله عنه -، أي قال ابن عمر: كان عمر يرفع الخ.
(٢) القائل المباركفوري.
(٣) "ميزان الاعتدال" جـ ٢ ص ٣٥٦.