ليكون مسك الختام لما بحثناه في المسألة السابقة، ولنحيل إليه في كل موضع يَوُدُّون فيه الأحاديث الصحيحة بهذه الشبهة الباطلة.
قال رحمه الله تعالى:
(المثال الرابع عشر): ردُّ المحكم الصريح الذي لا يحتمل إلا وجها واحدا من وجوب الطمأنينة، وتوقف إجزاء الصلاة، وصحتها عليها، كقوله:"لا تجزئ صلاة، لا يقيم الرجل فيها صلبه في ركوعه وسجوده". وقوله لمن تركها:"صل فإنك لم تصل". وقوله:"ثم اركع حتى تطمئن راكعا"، فنفى إجزاءها بدون الطمأنينة، ونفى مسماها الشرعي بدونها، وأمر بالإتيان بها، فرد هذا المحكم الصريح بالمتشابه من قوله:{ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}[الحج: ٧٧].
(المثال الخامس عشر): رد المحكم الصريح من تعيين التكبير للدخول في الصلاة بقوله: "إذا قمت إلى الصلاة، فكبر"، وقوله:"تحريمها التكبير"، وقوله:"لا يقبل الله صلاة أحدكم حتى يضع الوضوء مواضعه، ثم يستقبل القبلة، ويقول: الله أكبر"، وهي نصوص في غاية الصحة، فردت بالمتشابه من قوله:{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}[الأعلى: ١٥].
(المثال السادس عشر): رد النصوص المحكمة الصريحة الصحيحة في تعيين قراءة "فاتحة الكتاب" فرضا، بالمتشابه من قوله:{فاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}[المزمل: ٢٠]، وليس ذلك في الصلاة، وإنما هو بدل عن قيام الليل، وبقوله للأعرإبي:"ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن"، وهذا يحتمل أن يكون قبل تعيين الفاتحة للصلاة، وأن يكون الأعرابي لا يحسنها، وأن يكون لم يسىء في قراءتها، فأمره أن يقرأ معها ما تيسر من القرآن، وأن يكون أمره بالاكتفاء بما تيسر عنها، فهو متشابه، يحتمل هذه الوجوه، فلا يترك له المحكم الصريح.
(المثال السابع عشر): رد المحكم الصريح من توقف الخروج من الصلاة على التسليم، كما في:"تحليلها التسليم"، وقوله:"إنما يكفي أحدكم أن يسلم على أخيه، مِنْ عن يمينه، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، فأخبر أنه لا يكفي غير ذلك، فرد بالمتشابه من قول ابن مسعود:"فإذا قلت هذا، فقد قضيت صلاتك"، وبالمتشابه من عدم أمره - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي بالسلام.
(المثال الثامن عشر): رد المحكم الصريح في اشتراط النية لعبادة الوضوء والغسل، كما في قوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[الآية سورة البينة: آية ٥]. وقوله:"وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهذا لم ينو رفع الحدث، فلا يكون له