للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعني أن الذكر المشروع في الركوع هو تعظيم الرب عز وجل بأنواع التسبيح، والتقديس المذكورة في الأبواب الآتية، فإنه اللائق فيه، فهو أولى من الدعاء، ولا ينافي هذا ما سيأتي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في الركوع: "اللَّهم اغفر لى"؛ لأن ذلك قليل بالنسبة إلى التسبيح وغيره من أنواع التعظيم (وأما السجود، فاجتهدوا في الدعاء) أي فيه، أي إن الأولى فيه الاجتهاد في الدعاء، ولا ينافي ذلك أيضًا ثبوت التسبيح فيه، كما سيأتي، لأنه قليل، ثم بين سبب حثه على الاجتهاد في الدعاء بقوله (قمن) وفي رواية مسلم "فقمن" بزيادة الفاء. وهو بفتح القاف، وكسر الميم، وفتحها، ويقال: قمين بالياء أيضًا، ومعناه: جدير، وخَلِيق.

قال الأزهري: قال: هو قَمَنٌ أن يفعل ذلك -بفتح الميم- وقَمِن -بكسرها- أن يفعل ذلك، فمن قال: قَمَن -بفتح الميم- أراد المصدر، فلم يثنّ، ولم يجمع، ولم يؤنث، يقال: هما قَمَنٌ، وهم قَمَنٌ، وهن قَمَنٌ، ومن قال: قَمِن بكسرها- أراد النعت، فثنّى، وجمع، وفيه لغة أخرى، وهي قَمِين بالياء، قال قيس بن الخَطِيم: [من الطويل]

إِذَا جَاوَزَ الاثنَينِ سِرٌّ فَإنةُ … بِنَثِّ وَتَكثِيرِ الْوُشَاةِ قَمِينُ (١)

(أن يستجاب لكم) في تأويل المصدر مبتدأ مؤخر، والخبر قوله: "قمن". والجملة تعليلية للأمر بالاجتهاد في الدعاء في حال السجود، أي إنما أمرتكم بالاجتهاد في الدعاء في حال السجود لكون الدعاء فيه حقيقا بالاستجابة، لكون المصلي أقرب من ربه في تلك الحالة. وسيأتي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -١٦٨/ ١١٣٧ - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل، وهو ساجد، فأكثروا الدعاء".

وهذا أيضا لا ينافي ما سيأتي من مشروعية التسبيح ونحوه في السجود، لأن ذلك قليل بالنسبة للدعاء.

وسيذكر المصنف رحمه الله تعالى ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنواع التسبيح، والتقديس، والدعوات التي كان يقودها في الركوع، والسجود بأبواب متتالية. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - هذا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له:


(١) انتتهى "لسان العرب" بتصرف. ج ٥ ص ٣٧٤٤.