كثرته، واشتهاره مكابرة ممن أنكره. انتهى ما في "الفتح"(١).
(إلا الرؤيا الصالحة) الاستثناء مفرّع؛ لأن ما قبل "إلّا" تفرغ للعمل فيما بعدها، فـ"الرؤيا" فاعل "يبق".
(يراها المسلم) جملة من الفعل والفاعل في محل نصب على الحال، أي يراها المسلم المبشَّر بها (أو ترى له) بالبناء للمفعول، أي يراها غيره لأجله.
(ثم قال) - صلى الله عليه وسلم - (ألا) أداة استفتاح وتنبيه (إني) بكسر الهمزة (نُهِيت) بالبناء للمفعول، أي نهاني الله تعالى، ونهيه - صلى الله عليه وسلم - نهي لأمته، إذ ليس مختصا به، بدليل قوله:"فأما الركوع، فعظموا فيه الرب"، إذ معناه لا تقرءوا القرآن فيه، بل عظموا الله - صلى الله عليه وسلم - بالتسبيح والتمجيد (أن أقرأ راكعا، أو ساجدا) والمصدر المؤول من الفعل مجرور بـ "عن" محذوفة قياسا، و"راكعا" منصوب على الحال، و"ساجدا" عطف عليه، أي نهاني عز وجل عن القراءة حال كوني راكعا، أو ساجدا.
قال بعضهم: وكأن حكمة النهي عن ذلك أن أفضل أركان الصلاة القيام، وأفضل الأذكار القرآن، فجعل الأفضل للأفضل، ونَهى عن جعله في غيره، لئلا يوهم استواءه مع بقية الأذكار.
[قال الجامع]: يؤيّد هذا القول ما أخرجه مسلم ٢/ ٧٥٦، والمصنف ٢٥٢٦، وغيرهما من حديث جابر - رضي الله عنه -: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَيّ الصلاة أفضل؟ قال:"طول القنوت". والله تعالى أعلم.
وقد ذكروا غير ذلك من وجوه الحكمة، وتقدّم كلام الخطابيّ فيه، وكلها مخدوشة. والله تعالى أعلم.
ثم بين ما يشرع في حال الركوع والسجود من الذكر، فقال (فأما الركوع، فعظموا فيه الرب) الفاء فصيحية، أي إذا عرفتم أن القراءة منهي عنها في الركوع والسجود، وأردتم معرفة الأذكار المشروعة فيهما، فأقول لكم: أما الركوع فعظموا فيه الرب الخ. والفاء الثانية رابطة لجواب "أما". و"أما" حرف تفصيل، وفصل، وتوكيد، بمعنى "مهما يكن من شيء"، كما قال ابن مالك رحمه الله تعالى في "خلاصته":