للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ربنا) بالنصب على أنه منادى، حُذف منه حرف النداء، أي يا ربنا، أو على الاختصاص، أي أخص ربنا.

(وبحمدك) قال النوويّ رحمه الله تعالى: أي وبحمدك سبحتُك، ومعناه بتوفيقك لي، وهدايتك، وفضلك عليّ سبحتك، لا بحولي، وقوتي، ففيه شكر الله تعالى على هذه النعمة، والاعتراف بها، والتفويض إلى الله تعالى، وأن كل الأفعال له. والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال العلامة ابن هشام الأنصاريّ -رحمه الله- تعالى في "مغني اللبيب": وقد اختلف في الباء من قوله تعال {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [النصر: ٣]، فقيل: للمصاحبة، والحمدُ مضاف للمفعول، أي سبحه حامدا له، أي نزهه عما لا يليق به، وأثبت له ما يليق به. وقيل: للاستعانة، والحمد مضاف للفاعل، أي سبحه بما حمد به نفسه، إذ ليس كل تنزيه بمحمود، ألا ترى أن تسبيح المعتزلة عَطَّلَ كثيرا من الصفات.

واختلف في "سبحانك اللَّهم وبحمدك"، فقيل: جملة واحدة، على زيادة الواو، فيأتي في الباء ما ذكر، وقيل: جملتان على أنها عاطفة، ومتعلق الباء محذوف، أي وبحمدك سبحتك، فيأتي ما مر، وقال الخطابي: المذى؛ وبمعونتك التي هي نعمة توجب عليّ حمدك سبحتك، لا بحولي، يريد أنه من إقامة المسبب، وهو الحمد مقام السبب، وهو المعونة التي هي نعمة. انتهى بتصرف.

وقال ابن الشجري في قوله تعالى: {فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: ٥٢]، هو كقولك: "أجبته بالتلبية" معلنين بحمده، والوجهان في {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [النصر: ٣]. انتهى كلام ابن هشام رحمه الله تعالى (٢).

(اللَّهم) قال الأزهري: للنحاة فيه قولان: قال الفراء: هي في الأصل: يا الله أُمَّنَا بخير، فكثرت في الكلام، واختلطت، فقيل: اللَّهم، كما قالوا: هَلُمَّ، وأصلها: "هل" ضم إليها "أُمَّ"، ثم تركت منصوبة الميم، وقال الخليل: اللهم معناه: يا الله، والميم المشددة عوض من يا النِّداءِ، وهي مفتوحة، لسكونها، وسكون الميم قبلها، قال: ولا يقال: يا اللَّهم، إنما يقال: اللَّهم، ومعناه: يا الله. انتهى.

وقد يجمع بينهما في الشعر، كما قال في "الخلاصة":

وَالأَكْثَرُ اللَّهُمَّ بِالتَّعْوِيضِ … وَشَذَّ يَا اللَّهُمَّ فِي قَرِيضِ


(١) "شرح مسلم" جـ ٤ ص ٢٠٢.
(٢) "مغني اللبيب" ١/ ١٠٣، و"حاشية الخضري على شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك" رحمهم الله تعالى. جـ ١ ص ٢٣١.