(اغفر لي) أي استر ذنوبي، وفي رواية لمسلم:"سبحانك، وبحمدك، أستغفرك، وأتوب إليك".
ومعنى "أستغفرك": أي أطلب منك ستر الذنوب. فالسين والتاء للطلب، وأصل الغَفْر: الستر، والتغطية ومعنى:"أتوب إليك": أي أرجع إلى طاعتك، وأنيب إليك، والتائب: الراجع إلى طاعة ربه بعد معصيته وخطيئته، والتوبة الرجوع إلى الله تعالى، يقال: تاب، وثاب، وأناب: إذا رجع.
قال النووي رحمه الله تعالى: وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أستغفرك، وأتوب إليك" حجة على أنه يجوز، بل يستحب أن يقول: أستغفرك، وأتوب إليك. وحكي عن الربيع بن خُثَيم -رحمه الله- أنه قال؛ لا يقل أحدكم: أستغفر الله، وأتوب إليه، فيكون ذنبا، وكذبا إن لم يفعل، بل يقول: اللَّهم اغفر لي، وتب علي، وهذا الذي قاله من قوله: اللَّهم اغفر لي، وتب عليّ حسن، لا شك فيه، وأما كراهة قوله: أستغفر الله، وأتوب إليه، وتسميته كذبا، فلا نوافقه عليه؛ لأن معنى أستغفر الله: أطلب مغفرته، وليس هذا كذبا، ويكفي في رده حديثا الباب، وما أخرجه أبو داود، والترمذي، وصححه الحاكم، من حديث ابن مسعود -رحمه الله-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه، غفرت ذنوبه، وإن كان قد فرّ من الزحف".
قال: وأما استغفاره - صلى الله عليه وسلم - مع أنه مغفور له، فهو من باب العبودية، والإذعان، والافتقار إلى الله تعالى. والله تعالى أعلم. انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى بتصرف (١).
[تنبيه]: زاد في الرواية الآتية -١٥٤/ ١١٢٢ - من طريق شعبة، عن منصور:"يتأول القرآن".
قال في "الفتح": قوله: "يتأول القرآن". أي يفعل ما أمر به فيه، وقد تبين من رواية الأعمش أن المراد بالقرآن بعضه، وهو السورة المذكورة، والذكر المذكور. ووقع في رواية ابن السكن عن الفربري: قال أبو عبد الله: يعني {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} الآية.
وفي هذا تعيين أحد الاحتمالين في قوله تعالى:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}؛ لأنه يحتمل أن يكون المراد بسبح نفس الحمد، لما تضمنه الحمد من معنى التسبيح الذي هو