للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكون من دونه. وفيه أيضا قوله: "وهو عمرو بن قيس" يحتمل أن يكون القائل الليث، أو من دونه، وقد تقدم غير مرة بيان سبب قول الراوي: "يعني"، أو"هو"، وذلك أنه لما لم ينسبه شيخه، وأراد هو أن يبين نسبته أتى بما يفصل زيادته على شيخه، وهو كلمة

"يعني" أو نحوها. والله سبحانه وتعالى أعلم.

شرح الحديث

عن عاصم بن حُميد السكوني رحمه الله تعالى أنه (قال: سمعت عوف بن مالك) الأشجعي رضي الله تعالى عنه (يقول: قمت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة) أي صليت معه ليلة (فلما ركع) اختصر المصنف رحمه الله تعالى هذا الحديث هنا، وقد ساقه مطولا من طريق الحسن بن سَوَّار، عن الليث في -١٦٣/ ١١٣٢ - ولفظه: "قمت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبدأ، فاستاك، وتوضأ، ثم قام، فصلى، فبدأ، فاستفتح من البقرة، لا يمرّ بآية رحمة إلا وقف، وسأل، ولا يمر بآية عذاب، إلا وقف يتعوذ، ثم ركع، فمكث راكعا بقدر قيامه، يقول في ركوعه: "سبحان ذي الجبروت، والملكوت، والكبرياء، والعظمة"، ثم سجد بقدر ركوعه، يقول في سجوده: "سبحان ذي الجبروت، والملكوت، والكبرياء، والعظمة"، ثم قرأ "آل عمران"، ثم سورة، ثم سورة، فعل ذلك مثل ذلك.

(مكث) أي تأخر في ركوعه. يقال: مَكَثَ مَكْثًا، من باب قتل. أي أقام، وتَلَبَّثَ، فهو ماكث، ومَكُثَ مُكْثًا، فهو مَكِيثٌ، مثل قَرُبَ قُرْبًا، فهو قَرِيب لغةٌ، وقرأ السبعة قوله - صلى الله عليه وسلم - {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} الآية [النمل: ٢٢] باللغتين، ويتعدى بالهمزة، فيقال: أمكثه، وتمكث في أمره: إذا لم يعجل فيه. قاله الفيومي رحمه الله تعالى (١).

(قدر سورة البقرة) متعلق بـ"مكث". وفيه جواز التسمية بسورة البقرة، ونحوها، خلافا لمن كره ذلك، وقال: إنما يقال: السورة التي تذكر فيها البقرة (يقول في ركوعه) جملة في محل نصب على الحال من فاعل "مكث" (سبحان ذي الجبروت) أي صاحب القهر البالغ غايته. وهو فَعَلُوت من الجَبْر، وهو القهر، يقال: جبرت، وأجبرت: بمعنى قهرت، ويطلق أيضًا على الكبر (والملكوت) أي وصاحب التصرف البالغ غايته، وهو فَعَلوت، أيضًا، من الملك، كالرهبوت من الرهبة، والرحموت من الرحمة، فالملك والملكوت واحد، زيدت فيه التاء للمبالغة (والكبرياء، والعظمة) "الكبرياء" قيل: هي العظمة والملك، فيكون عطف "العظمة" عليه عطف تفسير. وقيل: هي عبارة عن كمال الذات، وكمال الوجود، ولا يوصف بها إلا الله سبحانه وتعالى. قاله في


(١) "المصباح المنير" ص ٥٧٧.