للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

داود في الناسخ والمنسوخ (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين (ومنها): أن فيه أن قتادة، وإن كان مدلسًا، لكنه صرح هنا بالسماع (ومنها): أن فيه أنسًا - رضي الله عنه - أحد المكثرين السبعة، وآخر من مات بالبصرة من الصحابة - رضي الله عنهم -. والله سبحانه وتعالى أعلم.

شرح الحديث

(عن قتادة) بن دعامة رحمه الله تعالى، أنه (قال: سمعت أنسًا) - رضي الله عنه - (يحدث) جملة في منحل النصب على الحال على الراجح، وقيل: مفعول ثان لـ "سمع"؛ لأنها تتعدى إلى مفعولين (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أتموا الركوع، والسجود) أي أكملوهما بمراعاة الطمأنينة والاعتدال (إذا ركعتم، وسجدتم") ولفظه في ١٥٠/ ١١١٧ - من طريق سعيد، عن قتادة: "أتموا الركوع، والسجود، فوالله إني لأراكم من خلف ظهري في ركوعكم، وسجودكم".

وأخرج البخاري في "صحيحه" عن هلال بن علي، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة، ثم رقي المنبر، فقال في الصلاة، وفي الركوع. "إني لأراكم من ورائي كما أراكم".

وقد تقدم للمصنف رحمه الله تعالى حديثُ أبي هريرة - رضي الله عنه - -٦٣/ ٨٧٢ - من رواية سعيد المقبري، عن أبيه، عنه، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا، ثم انصرف، فقال: "يا فلان، ألا تحسن صلاتك، ألا ينظر المصلي، كيف يصلي لنفسه؟ إني أبصِرُ من وَرَائي، كما أُبصِرُ بينَ يديَّ".

وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند الشيخين من رواية الأعرج عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هل تَرَون قبلتي ها هنا؟ فوالله ما لا يخفى علي خشوعكم، ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري".

والمعنى: هل تظنون أني لا أراكم لكون قبلتي في هذه الجهة؛ لأن من استقبل شيئًا استدبر ما وراءه، لكن بَيَّنَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رؤيته لا تختص بجهة واحدة.

وقد اختلف في معنى ذلك، فقيل: المراد بها العلم، إما بأن يوحى إليه كيفية فعلهم، وإما أن يلهم، قال الحافظ -رحمه الله-: وفيه نظر؛ لأن العلم لو كان مرادا لم يقيده بقوله: "من وراء ظهري". وقيل: المراد أنه يرى مِنْ عَن يمينه، ومِنْ عَنْ يساره من تدركه عينه مع التفات يسيرة في النادر، ويوصف من هناك وراء ظهره. قال الحافظ -رحمه الله- وهو ظاهر التكلف، وفيه عدول عن الظاهر بلا موجب، والصواب المختار أنه محمول على ظاهره، وأن هذا الإبصار إدراك حقيقي خاص به - صلى الله عليه وسلم - انخرقت له فيه العادة، وعلى هذا عمل البخاري رحمه الله تعالى، فأخرج هذا الحديث في "علامات النبوة". وكذا نقل