للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يجاب. انتهى (١).

وقال الكرماني -رحمه الله-: يحتمل أن يكون السماع بمعناه المشهور. [فإن قلت]: فلا بد تستعمل بـ"من" لا باللام. [قلت]: معناه سمع الحمد لأجل الحامد منه. ثم لفظ "ربنا" لا يمكن أن يتعلق بما قبله لأنه كلام المأموم، وما قبله كلام الإمام، (٢) بدليل قوله: "فقولوا"، بل هو ابتداء كلام، و (لك الحمد) حال منه، أي أدعوك، والحال أن الحمد لك، لا لغيرك.

[فإن قلت]. هل يكون عطفا على أدعوك؟.

[قلت]: لا؛ لأنها إنشائية، وهذه خبرية. انتهى.

وقال الطيبي -رحمه الله-: ما حاصله: هذا الكلام يحتاج إلى مزيد كشف وبيان، وذلك أن قوله: "سمع الله لمن حمده" وسيلة، و"ربنا ولك الحمد" طلب، وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، فإذا روي بالعاطف تعلق "ربنا" بالأولى، ليستقيم عطف الجملة الخبرية على مثلها، وإذا عزل عن الواو تعلق "ربنا" بالثانية، فإنه لا يجوز عطف الإنشائي على الخبري، وتقديره على الوجه الأول: يا ربنا قبلت في الدهور الماضية حمدَ مَنْ حَمِدَكَ من الأمم السالفة، ونحن نطلب منك الآن قبول حَمْدِنا، ولك الحمد أوّلا وآخرا، فأخرج الأولى على الجملة الفعلية، وعلى الغيبة، وخص اسم الله الأعظم بالذكر، والثانية على الاسمية، وعلى الخطاب، لإرادة الدوام، ولمزيد إنجاح المطلوب، فعلى هذا في الكلام التفاتة واحدة، وعلى الأول التفاتتان من الخطاب إلى الغيبة، ومنه إلى الخطاب. انتهى (٣).

(فإن من وافق) وفي نسخة من "المجتبى"، وهو الذي في "الكبرى": "فإنه" بزيادة ضمير الشأن (قوله قول الملائكة) "قوله" بالرفع فاعل "وافق"، و"قولَ" بالنصب مفعوله. وفيه إشعار بأن الملائكة تقول ما يقوله المأمومون.

وقد تقدم في باب التأمين أن الراجح أن المراد بالموافقة هو الموافقة في القول والزمن، وقيل: الموافقة في الإخلاص والخشوع، وقيل: غير ذلك، وأن المراد من الملائكة من يشهد تلك الصلاة ممن في الأرض، أو في السماء، وأدلة ذلك، فراجعه تستفد.

(غفر له ما تقدم من ذنبه) ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية، وفضل الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) "شرح السنة" جـ ٣ ص ١١٣ - ١١٤.
(٢) قال الجامع: هذا لا يتأتى في حق الإمام والمنفرد؛ لأنهما يجمعان بينهما، فتأمل.
(٣) راجع "عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد" للحافظ السيوطي جـ ٢ ص ١٧٧ - ١٧٨.