للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الدارقطني رحمه الله تعالى عقب هذا الحديث: ما نصّه: تفرد به يزيد، عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كُلَيب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما تفرد به. انتهى.

وقال الحافظ رحمه الله تعالى في "التلخيص الحبير": قال البخاري، والترمذي، وابن أبي داود، والدارقطني، والبيهقي: تفرد به شريك، قال البيهقي: وإنما تابعه هَمَّام، عن عاصم، عن أبيه مرسلا. وقال الترمذي: رواه همام، عن عاصم، مرسلا. وقال الحازمي: رواية من أرسل أصح.

وقد تُعُقِّب قول الترمذي بأن هماما إنما رواه عن شقيق -يعني أبا ليث- عن عاصم، عن أبيه مرسلا. ورواه همام أيضا عن محمَّد بن جُحَادة، عن عبد الجبّار بن وائل، عن أبيه موصولا، وهذه الطريق في "سنن أبي داود"، إلا أن عبس الجبار لم يسمع من أبيه، وله شاهد من وجه آخر. وروى الدارقطني، والحاكم، والبيهقي من طريق حفص بن غياث، عن عاصم الأحول، عن أنس في حديث فيه: "ثم انحطّ بالتكبير، فسبقت ركبتاه يديه". قال البيهقي: تفرد به العلاء بن إسماعيل العَطَّار، وهو مجهول. انتهى (١).

والحاصل أن حديث وائل هذا ضعيف، لما ذُكِر، ولمعارضته للأحاديث الصحيحة، كحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الآتي بعد هذا، وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك". أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"، والدارقطني، والحاكم، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة، وقال الحاكم: والقلب إليه أميل، لروايات كثيرة في ذلك عن الصحابة والتابعين.

وأعله البيهقي، فقال: كذا قال عبد العزيز، ولا أراه إلا وَهَمًا -يعني رَفْعَه- قال: والمحفوظ ما اخترناه، ثم أخرج من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال: إذا سجد أحدكم، فليضع يديه، وإذا رفع فليرفعهما.

قال الحافظ -رحمه الله-: ولقائل أن يقول: هذا الموقوف غير المرفوع، فإن الأول في تقديم وضع اليدين على الركبتين، والثاني في إثبات وضع اليدين في الجملة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى وَهَمِ عبد العزيز عندي غير صحيحة، فإنه ثقة، قد زاد الرفع، وهي زيادة مقبولة، فالصواب ما قاله الحافظ -رحمه الله-، فالمرفوع


(١) "التلخيص الحبير" ج ٢ ص ٢٥٤.
(٢) "فتح" ج ٢ ص ٥٤٩.