هريرة "يغسل الإناء من الهرة كما يغسل من الكلب" وليس بمحفوظ، وعن عطاء عن أبي هريرة وهو خطأ من ليث بن أبي سليم إنما رواه ابن جريج وغيره عن عطاء من قوله، قال وروي عن ابن عمر كراهة الوضوء بفضل الهرة.
قال الشافعي رحمه الله: الهرة ليست بنجس فنتوضأ بفضلها، ونكتفي بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يكون في أحد قال خلاف قول النبي حجة.
قال أصحابنا: ولو صح حديث أبي هريرة لم يكن فيه دليل؛ لأنه متروك الظاهر بالاتفاق، فإن ظاهره يقتضي وجوب غسل الإناء من ولوغ الهرة، ولا يجب ذلك بالإجماع.
قال البيهقي: وزعم الطحاوي ان حديث أبي هريرة صحيح، ولم يعلم أن الثقة من أصحابه ميزه من الحديث، وجعله من قول أبي هريرة.
وأما قولهم: لا تجتنب النجاسة فمنتقض باليهودي، وشارب الخمر، فإنه لا يكره سؤرهما، والله أعلم. المجموع جـ ١/ ص ١٧٥.
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبين بما ذكرأن الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور من أن سؤر الهرة طاهر، لا كراهة فيه لقوة دليله، والله أعلم.
المسألة السادسة: من فوائد هذا الحديث عدم نجاسة سؤر الهرة وأنها طاهرة، وإباحة اتخاذها، وما أبيح اتخاذه للانتفاع به جاز بيعه، وأكل ثمنه إلا أن يخص شيئا من ذلك دليلٌ، فيخرجه عن أصله (١)، وفيه أن خبر الواحد من النساء والرجال سواء، وإنما المراعاة في ذلك الحفظ والإتقان، والصلاح، وهذا لا خلاف فيه بين أهل الأثر، قاله الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.
(١) ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب والسنور" فيكون هذا مما خرج عن الأصل المذكور، فلا يجوز بيع الهرة لهذا النص. فافهم.