قال العلامة ابن قدامة في المغني: النوع الثاني ما اختلف فيه: وهو سائر سباع البهائم إلا السنور وما دونها في الخلقة، وكذلك جوارح الطير والحمار الأهلي، والبغل، فعن أحمد أن سؤرها نجس إذا لم يجد غيره تيمم وتركه، وروي عن ابن عمر أنه كره سؤر الحمار، وهو قول الحسن، وابن سيرين، والشعبي، والأوزاعي، وحماد، وإسحاق.
وعن أحمد أنه قال في البغل والحمار: إذا لم يجد غير سؤرهما تيمم معه، وهو قول أبي حنيفة والثوري.
ثم قال: والصحيح عندي طهارة البغل والحمار لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يركبها، وتركب في زمنه، وفي عصر الصحابة، فلو كان نجسا لبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ولأنهما لا يمكن التحرز منهما لمقتنيهما فأشبها السنور، وقول النبي:"إنها رجس" أراد أنها محرمة لقوله تعالى في الخمر والميسر، والأنصاب، والأزلام إنها رجس، ويحتمل أنه أراد لحمها الذي كان في قدورهم، فإنه رجس فإن ذبح ما لا يحل أكله لا يطهره. اهـ المغني جـ ١/ ص ٤٨ - ٤٩.
وقد ذكر النووي رحمه الله المسألة في شرح المهذب بأدلتها، وهاك بيانه: قال رحمه الله:
فرع: سؤر الحيوان مهموز، وهو ما بقي في الإناء بعد شربه أو أكله، ومراد الفقهاء بقولهم: سؤر الحيوان طاهر أو نجس، لعابه ورطوبة فمه.
ومذهبنا أن سؤر الهرة طاهر غير مكروه، وكذا سؤر جميع الحيوانات من الخيل، والبغال، والحمير، والسباع، والفار، والحيات وسام أبرص وسائر الحيوان المأكول، وغير المأكول، فسؤر الجميع، وعَرَقه طاهر غير مكروه إلا الكلب والخنزير، وفرع أحدهما.