وحكى صاحب الحاوي مثل مذهبنا، عن عمر بن الخطاب، وعلي، وأبي هريرة، والحسن البصري، وعطاء، والقاسم بن محمَّد.
وكره أبو حنيفة، وابن أبي ليلى سؤر الهرة، وكذا كرهه ابن عمر، وقال ابن المسيب، وابن سيرين: يغسل الإناء من ولوغه مرة، وعن طاوس قال: يغسل سبعا، وقال جمهور العلماء: لا يكره، كقولنا.
وقال أبو حنيفة: الحيوان أربعة أقسام:
أحدها: مأكول: كالبقر والغنم، فسؤره طاهر.
والثاني: سباع الدواب كالأسد والذئب، فهي نجسة.
والثالث: سباع الطير كالبازي والصقر، فهي طاهرة السؤر إلا أنه يكره استعماله، وكذلك الهر.
الرابع: البغل والحمار، مشكوك في سؤرهما لا يقطع بطهارته، ولا بنجاسته، ولا يجوز الوضوء به.
واختلف قوله في سؤر الفرس والبرْذَوْن.
واحتج من منع الطهارة بسؤر السباع بحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الماء يكون بالفلاة وما ينوبه من السباع والدواب، فقال:"إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس" قالوا: فهذا يدل على أن لوُرُود السباع تأثيرا في تنجيس الماء، ولأنه حيوان، لَبَنُهُ نجس فكذا
سؤره كالكلب.
واحتج أصحابنا -يعني الشافعية- بحديث أبي قتادة في الهرة "إنها ليست بنجس" وهو صحيح كما سبق بيانه، واحتجوا، أيضا برواية الشافعي عن إبراهيم بن محمَّد، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة،
عن داود بن الحصين، عن أبيه، عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له: أنتوضأ بما
أفضلت الحُمُر؟ قال:"نعم وبما أفضلت السباع" وهذا الحديث