للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من النهار: أي ساعة طويلة. انتهى.

والهوَي كغَنِيّ ويضم: الساعة.

والمعنى هنا أنه سكت عن رد الجواب علي مقدارا من الزمان.

(ثم التفت إليّ، فقال: عليك بالسجود) أي الزَم السجودَ، وأراد بذلك كثرة السجود.

فـ"عليك" اسم فعل أمر بمعنى "الزم"، كما قال في "الخلاصة":

وَالْفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا … وَهَكَذَا دُونَكَ مَعْ إَلَيْكَا

وهو منقول من الجارّ والمجرور، ويتعدى بنفسه، نحو عليك زيدا، أي الزمه، فـ"زيدًا" منصوب على المفعولية، ويتعدى بالباء، كما في هذا الحديث، وكـ"عليك بذات الدين"، فيكون بمعنى استمسك مثلا، وقيل: إن الباء زائدة، لأنها تزاد كثيرا في مفعول اسم الفعل، لضعف عمله، وأما الكاف، فهي ضمير عند الجمهور، لا حرف خطاب، كما هو مبسوط في محله من كتب النحو.

ثم ذكر دليله على الأمر بكثرة السجود، فقال (فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فالفاء تعليلية، أي لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يقول: ما من عبد، يسجد لله سجدة، ألا رفعه الله عز وجلّ بها درجة) "ما" نافية، و"من" زائدة، كما قال في "الخلاصة":

وَزيدَ فِي نفْي وَشِبْهِهِ فَجَرُّ … نَكِرةً كمَا لِبَاغِ مِنْ مَفَرُّ

و"عبدٍ" مبتدأ، وجملة "يسجد" الخ في محلّ جرّ صفة لـ"عبد"، و"سجدة" مفعول مطلق أريد به بيان الوحدة، أي سجدة واحدة و"إلا" أداة استثناء ملغاة، وجملة "رفعه الله" الخ خبر المبتدإ. و"درجة" منصوب على التمييز.

والمعنى أنه ليس عبد ساجد لله تعالى سجدة واحدة، إلا رفعه الله تعالى بسببها درجة، فإنه لما تواضع لله تعالى غاية التواضع، حيث وضع أشرف أعضائه على الأرض، وباعد نفسه من الكبر جازاه الله تعالى بأن رفعه درجة. والله تعالى أعلم.

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: وسبب الحث على السجود ما سبق في الحديث الماضي "أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد"، وهو موافق لقول الله تعالى {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩]، ولأن السجود غاية التواضع والعبودية لله تعالى، وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان، وأعلاها، وهو وجهه من التراب الذي يُداسُ، ويُمتَهَن. والله تعالى أعلم. انتهى (١).

(وحط عنه بها خطيئة) يقال: حط الرَّحْلَ وغيرَه حَطًّا من باب قتل: أنزله من علو إلى


(١) "شرح صحيح مسلم" ج ٥ ص ٢٠٤.