للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأجاز بمعنى واحد.

وقال النووي -رحمه الله-: المعنى أكون أنا وأمتي أولَ من يمضي على الصراط، ويقطعه، يقال: جاوز الوادي، وأجازه: إذا قطعه، وخَلَّفَه. وقال القرطبي: يحتمل أن تكون الهمزة هنا للتعدية، لأنه لما كان هو وأمته أوّل من يجوز على الصراط لزم تأخير غيرهم عنهم حتى يجوز، فإذا جاز هو وأمته، فكأنه أجاز بقيةَ الناس. انتهى.

ووقع في حديث عبد الله بن سلام عند الحاكم: "ثم ينادي مناد أين محمَّد وأمته؟ فيقوم، فتتبعه أمته بَرُّها وفاجرها، فيأخذون الجِسْرَ، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون من يمين وشمال، وينجو النبي والصالحون".

وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - يرفعه "نحن آخر الأمم، وأول من يحاسب"، وفيه "فتُفرِج لنا الأممُ عن طريقنا، فنمرّ غُرّا مُحَجلين من آثار الطهور، فتقول الأمم: كادت هذه الأمة أن يكونوا أنبياء". انتهى (١). .

(فإذا فرغ الله عز وجلّ من القضاء بين خلقه) أي أتم القضاء بدخول أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار. وفي نسخة "من القسط" بدل "القضاء". و"القسط": العدل (وأخرج من النار من أراد أن يُخرج) الظاهر أن معنى قوله: "أخرج" أراد أن يخرج من النار؛ لأن أمره بالشفاعة إنما يكون لأجل إخراج من أراد إخراجه من النار. والله تعالى أعلم.

فـ"مَنْ" من قوله: "من أراد" موصولة مفعول "أخرج".

(أمر الملائكة والرسل أن تشفع، فيعرفون) عطف على مقدر، أي فيشفعون، ويعرفون. وهو بالبناء للمفعول، والواو ضمير "مَنْ" في قوله: "من أراد أن يُخرج". ويحتمل أن يكون بالبناء للفاعل، والواو ضمير الملائكة والرسل، والمفعول محذوف، أي يعرفونهم.

(بعلاماتهم) متعلق بـ"يعرفون". وفي رواية البخاري "فيعرفونهم بعلامة آثار السجود"، وفي رواية له "فيعرفونهم في النار بأثر السجود".

قال الزين ابن المُنَيِّر: تُعْرَفُ صفةُ هذا الأثر مما ورد في قوله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: ٢٩]؛ لأن وجوههم لا تؤثر فيها النار، فتبقى صفتها باقية. وقال غيره: بل يعرفونهم بالغُرَّة. وفيه نظر، لأنها مختصة بهذه الأمة، والذين يخرجون أعم من ذلك (٢). .

(أن النار تأكل) بفتح "أن" بتقدير لام الجر، أي لأن النار تأكل الخ، أو بدل من


(١) "فتح" ج ١٣ ص ٢٨٠.
(٢) المصدر المذكور ج ١٣ ص ٢٧٥.