"علاماتهم". ويحتمل أن يكون بكسر "إنَّ" على الاستئناف.
(كل شيء) بالنصب على أنه مفعول "تأكل"، أي تأكل جميع الأعضاء (من ابن آدم) متعلق بمحذوف صفة لـ"شيء"(إلا موضع السجود) الاستثناء متصل، والمراد من موضع السجود العضو الذي يقع عليه السجود، وهو الوجه، أو جميع الأعضاء السبعة، كما اختاره النووي رحمه الله تعالى، على ما سيأتي، وهو الراجح عندي، ولا يشكل على هذا إفراد "موضع"، لأنه مفرد مضاف، فيعمّ. وتسميته موضعَ السجود على سبيل المجاز، وذلك لأن السجود لا يتحقق إلا بوضع هذه الأعضاء، فكأنها مكان له. والله تعالى أعلم.
وفي رواية الشيخين:"فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود".
قال في "الفتح": قوله: "وحرم الله على النار" جواب عن سؤال مقدر تقديره كيف يُعرَف أثر السجود مع قوله في حديث أبي سعيد عند مسلم "فأماتهم الله إماتة، حتى إذا كانوا فَحْمًا أَذِنَ اللهُ بالشفاعة"، فإذا صاروا فَحْمًا كيف يتميز محل السجود من غيره حتى يعرف أثره.
وحاصل الجواب تخصيص أعضاء السجود من عموم الأعضاء التي دلّ عليها هذا الخبر، وأن الله منع النار أن تحرق أثر السجود من المؤمن.
وهل المراد بأثر السجود نفس العضو الذي يسجد، أو المراد مَنْ سَجَدَ؟ فيه نظر، والثاني أظهر.
قال القاضي عياض -رحمه الله-: فيه دليل على أن عذاب المؤمنين المذنبين مخالف لعذاب الكفار، وأنها لا تأتي على جميع أعضائهم، إما إكراما لموضع السجود، وعظم مكانهم من الخضوع لله تعالى، أو لكرامة تلك الصورة التي خُلِقَ آدم والبشر عليها، وفضلوا بها على سائر الخلق.
قال الحافظ رحمه الله تعالى: الأول منصوص، والثاني محتمل، لكن يشكل عليه أن الصورة لا تختص بالمؤمنين، فلو كان الإكرام لأجلها لشاركهم الكفار، وليس كذلك.
قال النووي رحمه الله تعالى: وظاهر الحديث أن النار لا تأكل جميع أعضاء السجود السبعة، وهي الجبهة، واليدان، والركبتان، والقدمان. وبهذا جزم بعض العلماء.
وقال عياض -رحمه الله-: ذكر الصورة، ودارات الوجوه يدلّ على أن المراد بأثر السجود الوجه خاصة، خلافا لمن قال: يشمل الأعضاء السبعة، ويؤيد اختصاص الوجه أن في