وأبوه مدني، سكن الكوفة، وأن صحابيه من المقلين، ليس له إلا ثلاثة أحاديث، وانفرد بإخراجها المصنف من بين أصحاب الأصول. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن عبد الله بن شدّاد، عن أبيه) شدّاد بن الهاد رضي الله تعالى عنه، أنه (قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إحدى صلاتي العشاء) أراد المغرب والعشاء، وفي نسخة "في إحدى صلاتي العشي".
و"العشي": قيل: ما بين الزوال إلى غروب الشمس، ومنه يقال للظهر والعصر: صلاتا العَشيّ. وقيل: هو آخر النهار. وقيل: العشي من الزوال إلى الصباح. وقيل: العشي والعشاء من صلاة المغرب إلى العتمة. قاله في "المصباح".
(وهو حامل حسنا، أو حسينا) جملة في محل نصب على الحال من الفاعل، أي خرج، والحال أنه حامل حسن بن علي بن أبي طالب، أو أخاه حسينا، - رضي الله عنهما -.
أما الحسن، فهو الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، الهاشمي سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وريحانته، أمير المؤمنين أبو محمَّد. وُلد في شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة. وقيل: في شعبان منها. وقيل: سنة أربع. وقيل: سنة خمس، والأول أثبت، وقد صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحفظ عنه، مات بالسم سنه ع (٤٩) وهو ابن (٤٧) وقيل: بل مات سنة (٥٠) وقيل: بعدها. وستأتى ترجمته مبسوطة في ١٧٤٥ - إن شاء الله تعالى.
وأما الحسين، فهو ابن علي بن أبي طالب أخو الحسن أصغر منه، استشهد بكربلاء يوم عاشوراء سنة (٦١) وله (٥٦) سنة، تقدمت ترجمته في -٧٨/ ٩٥.
(فتقدّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ليصلي بالناس (فوضعه) أي الحسن، أو الحسين، - رضي الله عنهما - (ثم كبر للصلاة، فصلى) أي شرع في الصلاة (فسجد بين ظهراني صلاته) أي أثناء صلاته. وفي نسخة "بين ظهري صلاته".
قال ابن منظور -رحمه الله- تعالى: وهو نازل بين ظَهْرَيهم، وظَهْرَانَيهم، بفتح النون، ولا يكسر: بين أَظْهُرهم. وفي الحديث:"فأقاموا بين ظهرانيهم"، و"بين أظهرهم". قال ابن الأثير -رحمه الله-: تكررت هذه اللفظة في الحديث، والمراد بها أنهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار والاستناد لهم، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدا، ومعناه أن ظهرا منهم قُدّامه، وظهرا وراءه، فهو مكنوف من جانبيه، ومن جوانبه، إذا قيل: بين أظهرهم، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا. وكلّ ما كان في وسط شيء ومُعْظمه فهو بين ظهريه وظهرانيه.