للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مشهورة فيه في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما من كتب السنن والمسانيد للمتقدمين.

وأما قوله: لو شرعت لكان لها ذكر، فجوابه أن ذكرها التكبير، فإن الصحيح أنه يمدّ حتى يستوعبها، ويصل إلى القيام، كما سبق.

قال الجامع عفا الله عنه: تقدم أن مد التكبير حتى يصل إلى الركن التالي مما لا دليل عليه، بل الصواب أنه لا يزيد على المد المشروع. فتنبه. والله تعالى أعلم.

قال: ولو لم يكن فيها ذكر لم يجز ردّ السنن بهذا الاعتراض. والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى ببعض تصرف (١). .

وكتب العلامة الشوكاني رحمه الله تعالى في شرح حديث مالك بن الُحوَيرث - رضي الله عنه - المذكور في الباب: ما نصه:

الحديث فيه مشروعية جلسة الاستراحة، وهي بعد الفراغ من السجدة الثانية، وقبل النهوض إلى الركعة الثانية، والرابعة.

وقد ذهب إلى ذلك الشافعي في المشهور عنه، وطائفة من أهل الحديث، وعن أحمد روايتان، وذكر الخلّال أن أحمد رجع إلى القول بها، ولم يستحبها الأكثر، واحتج لهم الطحاوي بحديث أبي حميد الساعدي المشتمل على وصف صلاته - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر فيه هذه الجلسة، بل ثبت في بعض ألفاظه أنه قام، ولم يتورك، كما أخرجه أبو داود، قال: فيحتمل أن ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلّة كانت به، فقعد من أجلها، لا أن ذلك من سنة الصلاة، ثمّ قوّى ذلك بأنها لو كانت مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص.

وتعقب بأن الأصل عدم العلة، وبأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث "صلوا كما رأيتموني أصلي"، فحكايته لصفات صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داخلة تحت هذا الأمر.

وحديث أبي حميد يستدلّ به على عدم وجوبها، وأنه تركها لبيان الجواز، لا على عدم مشروعيتها، على أنها لم تتفق الروايات عن أبي حُميد في نفي هذه الجلسة، بل أخرج أبو داود والترمذي وأحمد عنه من وجه آخر بإثباتها.

وأما الذكر المخصوص، فإنها جلسة خفيفة جدًّا، استغني فيها بالتكبير المشروع للقيام.

واحتج بعضهم على نفي كونها سنة بأنها لو كانت كذلك لذكرها كلُّ مَنْ وصف صلاته. وهو متَعَقَّبٌ بأن السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وَصَفَ


(١) "المجموع"ج-٣ ص ٤٢١ - ٤٢٣.