للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلاته، إنما أُخذَ مجموعها عن مجموعهم.

واحتجوا أيضا على عدم مشروعيتها بما وقع من حديث وائل بن حجر عند البزار بلفظ: "كان إذا رفع رأسه من السجدتين استوى قائما"، وهذا الاحتجاج يَرُدُّ على من قال بالوجوب، لا من قال بالاستحباب لما عرفت.

على أن حديث وائل قد ذكره النووي في "الخلاصة" في "فصل الضعيف".

واحتجوا أيضا بما أخرجه الطبراني من حديث معاذ أنه كان يقوم كأنه السهم، وهذا لا ينفي الاستحباب المدَّعَى، على أن في إسناده متهما بالكذب.

وقد عرفت مما قدمنا في شرح حديث المسيء أن جلسة الاستراحة مذكورة فيه عند البخاري وغيره، لا كما زعمه النووي من أنها لم تذكر فيه (١). وذكرها فيه يصلح للاستدلال به على وجوبها لولا ما ذكرنا فيما تقدم من إشارة البخاري إلى أن ذكر هذه الجلسة وَهَم، وما ذكرنا أيضا من أنه لم يقل بوجوبها أحد، وقد صرح بمثل ذلك الحافظ في "الفتح".

ومن جملة ما احتج به القائلون بنفي استحبابها حديث وائل بن حجر عند أبي داود، وما روى ابن المنذر عن النعمان بن أبي عياش، قال: أدركت غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا رفع رأسه من السجدة في أول ركعة، وفي الثالثة قام كما هو، ولم يجلس، وذلك لا ينافي القول بأنها سنة؛ لأن الترك لها من النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الحالات إنما ينافي وجوبها فقط، وكذلك ترك بعض الصحابة لها لا يقدح في سنيتها، لأن ترك ما ليس بواجب جائز. انتهى كلام الشوكاني رحمه الله تعالى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تلخص مما تقدم من تحقيق النووي والشوكاني رحمهما الله تعالى أن القول باستحباب جلسة الاستراحة هو الراجح، لقوة دليله، وأن الأدلة التي تدل على عدم فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لها محمولة على أنه تركها لبيان الجواز. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١١٥٢ - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وَتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِىَ جَالِسًا).


(١) قد تقدم عن النووي في "مجموعه" أنه ذكر أنها مذكورة عند البخاري، ولعل الشوكاني رأى للنووي قولًا آخر بنفيها. فتأمل.
(٢) "نيل الأوطار" ج ٢ ص ٣١٢ - ٣١٣.