والجواب عن أحاديثهم أنها كلها ليس فيها شيء صحيح، إلا الأثر الموقوف على ابن مسعود - رضي الله عنه -، ولا يجوز ترك السنة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول غيره، أو فعله.
فأما حديث علي - رضي الله عنه -، فضعيف، ضعفه البيهقي، وقال: أبو شيبة ضعفه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهما.
وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فضعيف، ضعفه الترمذي، والبيهقي، وغيرهما، لأن رواية خالد بن إلياس، وصالح ضعيفتان.
وأما حديث ابن عمر، فضعيف من وجهين: (أحدهما): أنه من رواية محمَّد بن عبد الملك الغَزّال، وهو مجهول.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "مجهول" فيه نظر، فإنه معروف وثقه النسائي، وغيره، وقال مسلمة بن القاسم: ثقة كثير الخطإ. انظر "تهذيب التهذيب" جـ ٩ ص ٣١٥ - ٣١٦.
فالأولى في تضعيف روايته مخالفته لأحمد وغيره من الثقات، مع كونه كثير الخطإ، كما يأتي في الوجه الثاني، فتبصر.
قال: (الثاني): أنه مخالف لرواية الثقات؛ لأن أحمد بن حنبل رفيق الغرّال في الرواية لهذا الحديث عن عبد الرزاق قال فيه: "نهى أن يجلس الرجل في الصلاة، وهو معتمد على يده". ورواه آخرون عن عبد الرزاق خلاف ما رواه الغزّال. وقد ذكر أبو داود ذلك كله.
قال النووي -رحمه الله-: وقد علم من قاعدة المحدثين وغيرهم أن من خالف الثقات كان حديثه شاذا مردودا.
وأما حديث وائل فضعيف أيضا؛ لأنه من رواية ابنه عبد الجبار، عنه، واتفق الحفاظ على أنه لم يسمع من أبيه شيئًا، ولم يدركه، وقيل: ولد بعد وفاته بستة أشهر.
وأما حكايته عطية، فمردودة، لأن عطية ضعيف. انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى بتصرف (١). .
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تحصل مما ذكر أن الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة قول الأولين القائلين: إن السنة أن يعتمد المصلي بيديه على الأرض في القيام؛ لصحة حديث مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه، وعدم صحة أدلة القائلين بخلافه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(١) "شرح مسلم" ج ٤ ص ٢٠٩.