عنهما، أنه كان يعتمد على يديه إذا أراد القيام، وهكذا فعل مكحول، وعمر بن عبد العزيز، وابن أبي زكريا، والقاسم أبو عبد الرحمن، وأبو مخرمة، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل.
ورأت طائفة أن لا يعتمد على يديه إلا أن يكون شيخا كبيرا، وروي ذلك عن علي - رضي الله عنه -، وبه قال النخعي، والثوري. انتهى كلام ابن المنذر باختصار (١). .
وقال النووي رحمه الله تعالى: مذهبنا أنه يستحب أن يقوم معتمدا على يديه، ثم ذكر القائلين بذلك من كلام ابن المنذر المذكور آنفا.
ثم قال: وقال أبو حنيفة، وداود: يقوم غير معتمد بيديه على الأرض، بل يعتمد على صدور قدميه. وهذا مذهب ابن مسعود - رضي الله عنه -، وحكاه ابن المنذر عن علي - رضي الله عنه -، والنخعي، والثوري.
واحتُجَّ لهم بحديث أبي شيبة، عن قتادة، عن أبي جحيفة، عن علي - رضي الله عنه -، قال: "من السنة إذا نهض الرجل في الصلاة المكتوبة من الركعتين الأوليين أن لا يعتمد بيديه على الأرض إلا أن يكون شيخا كبيرا، لا يستطيع". رواه البيهقي.
وعن خالد بن إلياس، ويقال: ابن إياس، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهض في الصلاة على صدور قدميه". رواه الترمذي، والبيهقي.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نهى أن يعتمد الرجل على يديه، إذا نهض في الصلاة". رواه أبو داود.
وعن وائل بن حجر - رضي الله عنه - في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذه". رواه أبو داود.
وعن عبد الرحمن بن يزيد أنه رأى ابن مسعود يقوم على قدميه في الصلاة. رواه البيهقي، وقال: هذا صحيح عن ابن مسعود.
وعن عطية العَوْفي، قال: رأيت ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وأبا سعيد الخدري - رضي الله عنهم - يقومون على صدور أقدامهم في الصلاة. رواه البيهقي.
واحْتَجَّ الأولون بحديث مالك بن الحُوَيرث - رضي الله عنه - المذكور في الباب.
قال الشافعي -رحمه الله-: ولأن ذلك أبلغ في الخشوع والتواضع، وأعون للمصلي، وأحرى أن لا ينقلب.
(١) "النهاية" ج ٣ ص ٢٧٥ - ٢٧٦.