المسألة الخامسة: دل قوله جميعا على جواز توضؤ الرجال والنساء من إناء واحد في وقت واحد؛ لأنه صرح في رواية أبي داود وابن ماجه بقوله "من الإناء الواحد" وزاد أبو داود من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر "نُدْلي فيه أيدينا". قال الحافظ: وفيه دليل على أن الاغتراف من الماء القليل لا يصيره مستعملا لأن أوانيهم كانت صغارا، كما صرح به الشافعي في الأم في عدة مواضع، وفيه دليل على طهارة الذمية، واستعمال فضل طهورها وسؤرها لجواز تزوجهن، وعدم التفرقة في الحديث بين المسلمة وغيرها.
قال: قوله (جميعا) ظاهره أنهم كانوا يتناولون الماء في حالة واحده، وحكى ابن التين عن قوم أن معناه أن الرجال والنساء كانوا يتوضؤن جميعا في موضع واحد، هؤلاء على حدة، وهؤلاء على حدة والزيادة المتقدمة في قوله "من إناء واحد" ترد عليه، وكأن هذا القائل استبعد اجتماع الرجال والنساء الأجانب، وقد أجاب عنه ابن التين بما حكاه عن سحنون: أن معناه كان الرجال يتوضؤون، ويذهبون، ثم تأتي النساء فيتوضأن وهو خلاف الظاهر من قوله "جميعا"، قال أهل اللغة: الجميع ضد المفترق، وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث من طريق معتمر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه يتطهرون، والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهرون منه، والأولى في الجواب أن يقال: لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم.
ونقل الطحاوي، ثم القرطبي، والنووي الاتفاق على جواز اغتسال الرجل والمرأة من الإناء الواحد، وفيه نظر، لما حكاه ابن النذر عن أبي