للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مضمومة، ولم تكن منشورة كالسبابة، ومن قال: قبض اثنتين أراد أن الوسطى لم تكن مقبوضة مع البنصر، بل الخنصر والبنصر متساويتان في القبض دون الوسطى، وقد صرّح بذلك من قال: وعقد ثلاثا وخمسين، فإن الوسطى في هذا العقد تكون مضمومة، ولا تكون مقبوضة مع البنصر.

وقد استشكل كثير من الفضلاء هذا، إذ عقد ثلاث وخمسين لا يلائم واحدة من الصفتين المذكورتين، فإن الخنصر لا بدّ أن تركب البنصر في هذا العقد.

وقد أجاب عن هذا بعض الفضلاء بأن الثلاثة لها صفتان في هذا العقد: قديمة، وهي التي ذكرت في حديث ابن عمر، تكون فيها الأصابع الثلاث مضمومة مع تحليق الإبهام مع الوسطى، وحديثة، وهي المعروفة اليوم بين أهل الحساب. والله أعلم. انتهى كلام العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة السادسة: في بيان معنى عقد ثلاث وخمسين الوارد في حديث التشهد:

أخرج الإمام مسلم رحمه الله تعالى في "صحيحه" من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثة وخمسين، وأشار بالسبابة".

قال النووي -رحمه الله-: (واعلم): أن قوله: "وعقد ثلاثا وخمسين" شرطه عند أهل الحساب أن يضع طرف الخنصر على البنصر، وليس ذلك مرادا ها هنا، بل المراد أن يضع الخنصر على الراحة، ويكون على الصورة التي يسميها أهل الحساب تسعة وخمسين. والله أعلم انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: (اعلم): أن للعرب طريقة مشهورة اصطلحوا عليها في عقود الحساب، وهي أنواع: آحاد، وعشرات، وألوف.

وقد بين ذلك العلامة الفقيه الحنفي محمَّد أمين المعروف بـ "ابن عابدين" رحمه الله تعالى، في رسالته "رفع التردد": وخلاصة ما قاله فيها:

أن للواحد: ضم الخنصر إلى أقرب ما يليه من باطن الكف ضما مُحْكَمًا، وللاثنين: ضم البنصر معها كذلك، وللثلاثة: ضمهما مع الوسطى كذلك، وللأربعة: ضمهما، ورفع الخنصر، وللخمسة: ضم الوسطى فقط، وللستة: ضم البنصر فقط، وللسبعة: ضم الخنصر فقط مع مدها حتى تصل إلى لحمة أصل الإبهام، وللثمانية: ضم البنصر


(١) "زاد المعاد في هدي خير العباد" ج ١ ص ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٢) "شرح صحيح مسلم" ج ٥ ص ٨٠ - ٨٢.