للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مع كونه مخالفا لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، بل وعن أئمتنا أيضا، بل لو ثبت عن أئمتنا التصريح بالنفي، وثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الإثبات لكان فعل الرسول وأصحابه أحقّ وألزم بالقبول، فكيف، وقال به أئمتنا أيضا؟. انتهى كلام صاحب "التعليق الممجد" باختصار (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الخامسة: قد ورد في كيفية وضع اليد اليمني هيآت:

الأول: ما في حديث وائل بن حجر - رضي الله عنه - الآتي للمصنف ٣٤/ ١٢٦٨ - وفيه "وجعل حَدَّ مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض ثنتين من أصابعه، وحلَّقَ حَلْقَة، ثم رفع إصبعه، في أيته يحركها، يدعو بها".

الثانية: ما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثة وخمسين، وأشار بالسبابة".

الثالثة: ما أخرجه مسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام". . . الحديث. وسيأتي للمصنف نحوه ٣٢/ ١٢٦٧. إن شاء الله تعالى.

الرابعة: ما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن الزبير: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بإصبعه السبابة، ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى، ويلقم كفه اليسرى ركبته".

الخامسة: وضع اليد اليمنى على الفخذ من غير قبض، والإشارة بالسبابة، وقد أخرج مسلم رواية أخرى عن ابن الزبير تدلّ على ذلك؛ لأنه اقتصر فيها على مجرد الوضع والإشارة. وكذلك أخرج أبو داود عن ابن عمر ما يدلّ على ذلك، وأخرج أبو داود، والترمذي من حديث أبي حميد بدون ذكر القبض، قال العلامة الشوكاني -رحمه الله-: اللَّهم إلا أن تحمل الرواية التي لم يُذكر فيها القبض على الروايات التي ذكر فيها القبض حمل المطلق على المقيد.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الحمل هو المتعين في المسألة؛ توفيقا بين الأدلة. والله تعالى أعلم.

وقد جعل العلامة الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في "الهدي" الروايات المذكورة كلها واحدة، قال: فإن من قال: قبض أصابعه الثلاث أراد به أن الوسطى كانت


(١) "التعليق الممجد على موطإ محمَّد" ج ١ ص ٤٦٤ - ٤٦٥.