من طريق حميد بن عبد الرحمن الحميري قال: لقيت رجلا صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين فقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة وليغترفا جميعا" رجاله ثقات، ولم أقف لمن أعله على حجة قوية، ودعوى البيهقي أنه في معني المرسل مردودة؛ لأن إبهام الصحابي لا يضر، وقد صرح التابعي بأنه لقيه، ودعوى ابن حزم أن داود راويه عن حميد بن عبد الرحمن هو ابن يزيد الأودي وهو ضعيف مردودة، فإنه ابن عبد الله الأودي، وهو ثقة، قد صرح باسم أبيه أبو داود وغيره.
ومن أحاديث الجواز: ما أخرجه أصحاب السنن والدارقطني، وصححه الترمذي وابن خزيمة، وغيرهما من حديث ابن عباس عن ميمونة قالت: "أجنبت فاغتسلت من جَفْنَة ففضلت فيها فضلة فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسل منه فقلت له، فقال: الماء ليس عليه جنابة واغتسل منه" لفظ الدارقطني، وقد أعله قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة؛ لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة، وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم، وقول أحمد: إن الأحاديث من الطريقين مضطربة، إنما يصار إليه عند تعذر الجمع، وهو ممكن بأن تحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء والجواز على ما بقي من الماء، وذلك جمع الخطابي، أو يحمل النهي على التنزيه جمعا بين الأدلة، والله أعلم اهـ فتح جـ ١/ ص ٣٥٩ - ٣٦٠.
قال الجامع: الجمع الأول غير واضح لأنه قد سبق لنا أن الماء المستعمل طاهر مطهر على الأصح، بل الثاني هو الواضح الأولى والله أعلم.
وسنعود لتحقيق المسألة في كتاب الغسل، إن شاء الله تعالى.