للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد صالح في السماء والأرض". . ونحوه لمسلم.

أي إذا قلتم "وعلى عباد الله الصالحين" أصابت الدعوة كل عبد صالح الخ. وهو كلام معترض بين قوله: "الصالحين وبين قوله: أشهد الخ"، وإنما قدم للاهتمام به لكونه أنكر عليهم عدّ الملائكة واحدا واحدا، ولا يمكن استيعابهم لهم مع ذلك، فعلمهم لفظا يشمل الجميع مع غير الملائكة، من النبيين والمرسلين والصديقين وغيرهم بغير مشقة، وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإلى ذلك الإشارة بقول ابن مسعود - رضي الله عنه - الآتي في الرواية التالية "وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَ فواتح الخير وخواتمه"، وفي الرواية الآتية -١١٦٧ - "فعلمنا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - جوامع الكلم".

وقوله: "كل عبد صالح". استدل به على أن الجمع المضاف، والجمع المحلَّى بالألف واللام يعمّ، لقوله أوّلًا "عباد الله الصالحين"، ثم قال: "أصابت كل عبد صالح" (١).

وقال القرطبي: فيه دليل أن جمع التكسير للعموم. قال الحافظ: وفي هذه العبارة نظر.

وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: وفي قوله - عليه السلام -: "فإذا قال ذلك أصابت كل عبد صالح" دليل على أن للعموم صيغة، وأن هذه الصيغة للعموم، كما هو مذهب الفقهاء، خلافا لمن توقف في ذلك من الأصوليين، وهو مقطوع به من لسان العرب، وتصرفات ألفاظ الكتاب والسنة عندنا، ومن تتبع ذلك وجده، واستدلالنا بهذا الحديث ذكر لفرد من أفراد لا يُحصَى الجمع لأمثالها، لا للاقتصار عليه، وإنما خص "العباد الصالحين"، لأنه كلام ثناء وتعظيم. انتهى (٢)

(أشهد أن لا إله إلا الله) زاد في الرواية الآتية -١١٦٨ - من طريق حارث بن عطية، عن هشام الدستوائي: "وحده لا شريك له"، وهي زيادة شاذة، لمخالفة حارث بن عطية بها، وهو صدوق يهم لروايات الحفاظ.

وقال في "الفتح": زاد في رواية ابن أبي شيبة من رواية أبي عُبيدة، عن أبيه "وحده لا شريك له". وسنده ضعيف، لكن ثبتت الزيادة في حديث أبي موسى عند مسلم، وفي حديث عائشة الموقوف في "الموطإ". وفي حديث ابن عمر عند الدارقطني، إلا أن سنده ضعيف.


(١) "فتح" ج ٢ ص ٥٧٩ - ٥٨٠.
(٢) قوله: "على أن للعموم صيغة" هو هنا الجمع المضاف، والجمع المُحَلَّى باللام، فإن قوله: "أصابت كل عبد" دلّ على أن "عباد الله" وهو الأول عام، وقوله: "صالح" دلّ على أن الصالحين، وهو الثاني عام. قاله الصنعاني في "العدّة" ج ٣ ص ١٣.