للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللغوي غير صحيح، فإن تفسير الرحمة بما ذكره إنما هو إذا وصف بها المخلوق، وأما إذا وصف بها الرب سبحانه وتعالى، فلها المعنى اللائق بجلاله. فالصواب أنه تعالى يوصف بالرحمة اللغوية بالمعنى الذي يليق بجلاله، لا بالمعنى الذي يكون للمخلوقين، فلا يلزم عليه تشبيه ولا تمثيل. فتبصر، ولا تتحير، والله الهادي إلى سواء السبيل.

(وبركاته) جمع بركة، وهو الخير الكثير من كل شيء، واشتقاقه من البَرْك -بفتح، فسكون-: وهو صدر البعير، وبَرَك البعيرُ: ألقى بَرْكه، واعتبر منه معنى اللزوم، وسمي محبس الماء بركة -أي بكسر، فسكون- للزوم الماء فيها.

وقال الطيبي: البَرَكَة ثبوت الخير الإلهي في الشيء، سمي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوتَ الماء في البركة، والْمُبَارَك: ما فيه ذلك الخير، قال الله تعالى: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ} الآية [الأنبياء: ٥٠] تنبيها على ما يَفيض منه من الخيرات الإلهية، ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يُحتَسَبُ، وعلى وجه لا يُحصى قيل لكل ما يُشاهد فيه زيادة غير محسوسة: هو مبارك، أو فيه بركة. انتهى (١). .

(السلام علينا) مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة أريد بها إنشاء الدعاء.

وأراد بالضمير الحاضرين من الإمام والمأمومين، والملائكة عليهم الصلاة والسلام.

قال الحافظ -رحمه الله-: واستدلّ به على استحباب البداءة بالنفس في الدعاء، وفي الترمذي مُصَحَّحًا من حديث أُبَيّ بن كعب - رضي الله عنه - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذكر أحدًا، فدعا له بدأ بنفسه". وأصله في مسلم، ومنه قوله نوح -عليه السلام - {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} الآية [نوح: ٢٨]. وقول إبراهيم - عليه السلام -: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} الآية [إبراهيم: ٤١].

(وعلى عباد الله الصالحين) عطف على الجار والمجرور قبله.

والأشهر في تفسير الصالح أنه القائم بما يجب عليه من حقوق الله تعالى، وحقوق عباده، وتتفاوت درجاته.

قال الترمذي الحكيم: من نظر أن يحظى بهذا السلام الذي يسلمه الخلق في الصلاة، فليكن عبدا صالحا، وإلا حُرم هذا الفضل العظيم.

وقال الفاكهاني: ينبغي للمصلي أن يستحضر في هذا المحل جميع الأنبياء والملائكة والمؤمنين. يعني ليتوافق لفظه مع قصده (٢). .

[تنبيه]: زاد البخاري من رواية أبي وائل عن عبد الله: "فإنكم إذا قلتموها أصابت كل


(١) "عمدة" ج ٦ ص ١١٢.
(٢) انظر "الفتح" ج ٢ ص ٥٧٩.