ثقات، وأنهم من رجال الجماعة، سوى شيخه، فانفرد هو به، وأن شيخه، وسفيان مكيان، والباقيان مدنيان. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن زيد بن أسلم) أنه (قال: قال ابن عمر) - رضي الله عنهما - (دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مسجد قباء) بالمد، والقصر، وبالتنوين، وعدمه، أربع لغات (ليصلي فيه، فدخل عليه رجال، يسلمون عليه) جملة في محل جرّ صفة لـ"رجال". وفي رواية ابن ماجه:"فجاءت رجال من الأنصار يسلمون عليه". قال ابن عمر - رضي الله عنهما - (فسألت صهيبا) - رضي الله عنه - (وكان معه) جملة معترضة بين العامل ومعموله، أتى به تعليلا لسؤاله إياه، فكأنه قال: إنما سألته لكونه كان معه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فإن قلت: يعارض هذا ما وقع في رواية أبي داود من أن الذي سأله ابن عمر هو بلال، ولفظه من طريق جعفر بن عون، عن هشام بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال:"فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم. . .".
قلت: لا تنافي بين الروايتين، لاحتمال أن يكون ابن عمر سأل كلّا من صُهيب، وبلال - رضي الله عنهما - للتأكد.
ولذا قال الترمذي -رحمه الله- في "جامعه" بعد أن أخرج حديث صهيب: ما نصّه: وحديث صهيب حسن، لا نعرفه إلا من حديث الليث، عن بُكير، وقد روي عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، قال: قلت لبلال: "كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم حيث كانوا يسلمون عليه في مسجد بني عمرو بن عوف؟ قال: كان يرد عليهم إشارة". وكلا الحديثين عندي صحيح، لأن قصة حديث صهيب غير قصة حديث بلال، وإن كان ابن عمر روى عنهما، فاحتمل أن يكون سمع منهما جميعا. انتهى كلام الترمذي رحمه الله تعالى (١) ..
(كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع)"كيف" استفهامية مفعول مطلق لـ"يصنع"، أي أَيَّ صنع يصنع، والجملة مفعول "سأل" مُعَلَّق عنها العامل. وفي رواية ابن ماجه:"كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم؟ "(إذا سُلم عليه) ببناء الفعل للمفعول، والظرف متعلق بـ"يصنع"(قال) أي صُهَيب (كان) - صلى الله عليه وسلم - (يشير بيده) وأشار في "الهندية" إلى أنه وقع في بعض النسخ "بيديه" بالتثنية، والظاهر أن هذه النسخة غير صحيحة؛ لأن الثابت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشير بيد واحدة، لا باليدين، كما يدل عليه أحاديث الباب وغيرها. والله تعالى أعلم.