للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو منطلق إلى بني المصطلق، فأتيته، وهو يصلي. . ." ولأبي داود: "أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني المصطلق. . .".

وفي رواية البخاري: قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة له، فانطلقت، ثم رجعت، وقد قضيتها، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسلمت عليه، فلم يردّ علي، فوقع في قلبي ما الله أعلم به، فقلت في نفسي: لعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد عليّ أني أبطأت عليه، ثم سلمت عليه، فلم يردّ علي، فوقع في قلبي أشدّ من المرّة الأولى، ثم سلمت عليه، فردّ علي، فقال: "إنما منعني أن أردّ عليك أني كنت أصلي". وكان على راحلته، متوجها إلى غير القبلة.

(ثم أدركته، وهو يصلي) جملة في محل نصب على الحال من المفعول. زاد في رواية مسلم، وأبي داود "على بعيره" (فسلمت عليه) فيه جواز السلام على المصلي، وقد تقدم بيان الخلاف فيه في الكلام على حديث صهيب - رضي الله عنه - ..

(فأشار إليّ) أي أشار برد السلام عليّ. وفي الرواية التالية "فأشار بيده إليّ. وفي رواية مسلم "فكلمته، فقال بيده هكذا، وأومأ زهير بيده، ثم كلمته، فقال لي هكذا، فأومأ زهير أيضا بيده له نحو الأرض، وأنا سمعته يقرأ، يومئ برأسه. . ."

وفيه جواز رد السلام بالإشارة، وهو محل الترجمة، وقد تقدم الكلام عليه في حديث صهيب - رضي الله عنه - أيضًا.

(فلما فرغ) أي انتهى من صلاته، وسلم (دعاني) وفي الرواية التالية "فانصرفت، فناداني يا جابر، فناداني الناس يا جابر، فأتيته" (فقال: إنك سلمت عليّ آنفا) أي الآن. قال في "اللسان": قال الزجاج في قوله تعالى: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} الآية [سورة محمد: ١٦] أي ما قال الساعة في أول وقت يقرُب منّا، ومعنى "آنفا" من قولك: استأنف الشيءَ: إذا ابتدأه. انتهى.

(وأنا أصلي) جملة حالية من الضمير المجرور، يعني أنه إنما لم يردّ عليه سلامه لكونه مشغولا بالصلاة. وفي الرواية التالية: فقلت: يا رسول الله سلمت عليك، فلم تردّ عليّ؟ قال: "إني كنت أصلي".

وفي رواية لمسلم: فلما فرغ قال: "ماذا فعلتَ في الذي أرسلتك له؟ فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي".

ففيه أن ردّ السلام بالقول يعتبر كلاما، فلو رد عالمًا متعمدا بطلت صلاته.

وفيه استحباب الاعتذار لمن سلم في الصلاة، وإن رد عليه بالإشارة، لاحتمال عدم علمه بذلك، فيتغير خاطره بعدم الردّ عليه. والله أعلم.