(وهو موجه يومئذ إلى المشرق) بصيغة اسم الفاعل، أي متو جه إلى جهة طلوع الشمس، يقال: وَجَّهتُ إليه توجيها: بمعنى توجهت. أفاده في "القاموس". ويحتمل أن يكون بصيغة اسم المفعول، بمعنى أن الله تعالى وجهه، أي أمره بأن يصلي إلى تلك الجهة. وإنما توجه نحو المشرق لكون بني المصطلق الذين يريد غزوهم كانوا جهة الشرق لأهل المدينة.
والمقصود منه أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في صلاته تلك متوجها إلى الكعبة، وذلك لأن تلك الصلاة نافلة، ففي حديث جابر - رضي الله عنه - عند البخاري: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على راحلته حيث توجهت، فإذا أراد الفريضة نزل، فاستقبل القبلة".
وفيه جواز النافلة على الدابة إلى أيّ جهة توجهت به دابته، وهو مجمع عليه. كما قاله النووي -رحمه الله- (١). وأما الفريضة فلا تصح إلا على الأرض متوجها إلى القبلة، وقد تقدم بيان ذلك في "كتاب القبلة" مستوفًى بحمد الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث جابر رضي الله تعالى عنه هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا -٦/ ١١٨٩ - وفي "الكبرى"-٤٢/ ١١١٢ - عن قتيبة، عن الليث، عن أبي الزبير، عنه. وفي ١١٩٠ - و"الكبرى"-١١١٣ - عن محمَّد بن هاشم البَعْلَبَكيّ، عن محمَّد بن شعيب بن شابور، عن عمرو بن الحارث، عن أبي الزبير به.
زاد في "الكبرى": "قال أبو عبد الرحمن: زعموا أنه ليس هذا الحديث بمصر من حديث عمرو بن الحارث." انتهى. والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (خ) ٢/ ٨٣ - عن أبي معمر، عن عبد الوارث، عن كَثِير بن شِنْظِير، عن عطاء ابن أبي رباح، عنه.
(م) ٢/ ٧١ عن أحمد بن يونس، عن زهير بن معاوية، عن أبي الزبير به. و ٢/ ٧١ عن قتيبة بن سعيد، ومحمد بن رمح، كلاهما عن الليث به. و ٢/ ٧٢ عن أبي كامل الجحدري، عن حماد بن زيد- وعن محمَّد بن حاتم، عن معلي بن منصور، عن عبد
(١) "شرح مسلم" ج ٥ ص ٢٧ - ٢٨.