الأبصار من الأنوار التي تنزل بها الملائكة على المصلين، كما في قصة أُسَيد بن حُضَير - رضي الله عنه - في نزول السكينة حين قرأ القرآن في صلاة، وهي في "الصحيحين" وغيرهما، أشار إلى ذلك الداودي، ونحوه في "جامع حماد بن سلمة"، عن أبي مجلز أحد التابعين.
و"أو" في قوله: "أو لتُخْطَفَنَّ" للتخيير، نظير قوله تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: ١٦]، أي يكون أحد الأمرين: إما المقاتلة، وإما الإسلام، وهو خبر في معنى الأمر. انتهى ما في "الفتح" بتصرف (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الراجح عندي أن رفع البصر إلى السماء في الصلاة حرام لهذا الوعيد الشديد، فإنه لا يكون إلا على فعل محرم، وسواء كان الرفع في حالة الدعاء، أم في غيره.
وأما الرفع في الدعاء خارج الصلاة فمكروه، لمخالفته هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد ثبت في غير حديث أنه كان يستقبل القبلة في الدعاء، فلا ينبغي مخالفة هديه.
وأما رفع البصر في غير الدعاء فجائز؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يرفع بصره إلى السماء، كما في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، حين بات عند خالته ميمونة - رضي الله عنها -، أنه - صلى الله عليه وسلم - قام من آخر الليل، فخرج، فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية في آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآيات [آل عمران: ١٩٠]، متفق عليه، وغير ذلك من الأحاديث التي تدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع بصره إلى السماء، وإن كان أكثر نظره إلى الأرض كما ذكر ذلك الحافظ العراقي -رحمه الله- في "ألفية السيرة" حيث قال:
نَظَرُهُ لِلْأَرْضِ منه أَكْثَرُ … إِلَى السَّمَاءِ خَافِضٌ اِذْ يَنْظُرُ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والماب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه البخاري.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا -٩/ ١١٩٣ - وفي "الكبرى" -٤٥/ ١١١٦ - عن عبيد الله بن سعيد، وشعيب بن يوسف، كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عنه. والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
(خ) ١/ ١٩١ - عن علي بن عبد الله، عن يحيى القطان به.
(١) "فتح" ج ٢ ص ٤٧٦.