كلهم تقدموا في الباب الماضي، غير أبي الأحوص، وأبي ذرّ - رضي الله عنهما -، فتقدما قبل بابين. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن الزهرى) أنه (قال: سمعته أبا الأحوص) الليثي، لا يعرف اسمه (يحدثنا) جملة في محلّ نصبْ على الحال متن المفعول (في مجلس سعيد بن المسيب) ومتعلق بـ "يحدث". في "الهندية": "في مجلس ابن المسيب"(وابن المسيب جالس) جملة اسمية في محل نصب على الحال، أي والحال أن سعيد بن المسيب جالس في مجلس التحديث (أنه سمع أبا ذرّ) جندب بن جُنَادة، وقيل: غيره، - رضي الله عنه - (يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يزال الله)"لا" نافية، "يزال" من الأفعال الناقصة التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، وقوله (عز وجل) ساقط من بعض النسخ (مقبلا على العبد) إقبالا يليق بجلاله وعظمته، وقيل: بالرحمات والإحسان والغفران، لا يقطع عنه ذلك، والمعنى الأول هو الأولى (قائما في صلاته)"قائما" حال من "العبد"، وسقط من بعض النسخ (ما لم يلتفت) أي ما لم يتعمد الالتفات، فـ"ما" مصدرية ظرفية، أي مدة عدم التفاته، والظرف متعلق بـ"مقبلا"(فإذا صرف وجهه) أي حوّل العبس وجهه بالتفاته إلى ما لا يتعلق بالصلاة (انصرف عنه) أي انصرف الله عز وجل عن ذلك العبد حيث أعرض عنه بالالتفات إلى ما لا ينبغي الالتفات إليه بلا ضرووة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث أبي ذرّ رضي الله تعالى عنه هذا صحيح.
قال الجامع عفا الله عنه:[فإن قلت]: تقدم حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه - -٧/ ١١٩١ - من رواية أبي الأحوص عنه، فحسنته، وهذا الحديث بنفس ذلك السند، فكيف تصححه؟
[قلت]: إنما صححته هنا لأن له شاهدا من حديث الحارث بن الحارث الأشعري رضي الله تعالى عنه، أخرجه أحمد ٤/ ١٣٠والترمذي رقم ٢٨٦٣ - بإسناد صحيح، وصححه ابن خزيمة، وهو حديث طويل، وفيه "وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا، فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت". . . فتفطن. والله تعالى أعلم.