بهم هي الظهر، كما تقدم بيانها في حديث جابر - رضي الله عنه - من طريق حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن أبيه، عن أبي الزبير، عنه، قال: "صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر، وأبو بكر خلفه، فإذا كبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر أبو بكر يسمعنا".
(وهو قاعد) جملة اسمية في محل نصب على الحال من الفاعل (وأبو بكر يسمع الناس تكبيره) جملة حالية أيضا معطوفة على الأولى، أي والحال أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - يسمع تكبير النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس، لضعف صوته بسبب مرضه (إذ التفت إلينا) هذا محل الترجمة، إذ فيه جواز الالتفات في الصلاة.
وإنما التفت إليهم لبيان الجواز، ولِيَطَّلِعَ على حالهم، فيرشدهم إلى الصواب، مع دوام توجه قلبه إلى الله -تَعَالَى-.
قال السندي رحمه الله: لكن هذا يقتضي أن رؤيته من ورائه ما كانت على الدوام. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: فيما قاله نظر، إذ لا يستلزم ذلك، لاحتمال أن يكون ما انتبه لهم أوّلًا حتى يراهم من وراء ظهره، لاشتغاله بشأن الصلاة، فلما انتبه لحالهم رآهم. والله أعلم.
(فرآنا قيامًا) أي قائمين للصلاة، فـ"قيامًا" مصدر بمعنى القائمين (فأشار إلينا) أي بالقعود (فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودا) جمع قاعد، أي حال كوننا قاعدين.
(فلما سلم قال: إن كنتم تفعلون) "إن" مخففة من الثقيلة، أي إنكم كنتم، رواية مسلم "إن كدتم" بالدال، وهو الذي في "الكبرى"، أي قاربتم.
وحذفت اللام الفارقة بينها وبين "إن" النافية من خبرها في رواية المصنف، لجواز ذلك للقرينة، كما في قول الشاعر: [من الطويل].
أنا ابْنُ الضَّيمِ مِن آل مَالِكِ … وَإنْ مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَ الْمَعَادِنِ
والقرينة في الحديث كونه - صلى الله عليه وسلم - ذكر الكلام إنكارا لفعلهم ذلك، وفي قول الشاعر كون الكلام سيق للمدح.
وقد أشار في "الخلاصة" إلى هذه القاعدة حيث قال:
وَخُفَّفَتْ إنَّ فَقَلَّ الْعَمَلُ … وَتَلْزَمُ اللاَّمُ إِذَا مَا تُهْمَلُ
وَرُبَّما اسْتُغْنِيَ عَنْهَا إِنْ بَدَا … مَا نَاطِقٌ أرَادَهُ مُعْتَمِدَا
(تفعلون فعل فارس والروم) جيلان من الناس معروفان (يقومون على ملوكهم) جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًا، وهو الذي وقع جوابا لسؤال مقدر، فكأنهم قالوا له: ماذا يفعلون؟ فقال: "يقومون على ملوكهم" أي بين أيديهم (وهم قعود) الضمير للملوك،